ضمن عملية أمنية وصفت بالمعقدة، قبضت قوات الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق الوطني على أبرز شخصية كانت تدير عمليات التهريب عبر البحر بمناطق غرب ليبيا، وتورطت في جرائم تهريب البشر والوقود والمخدرات والخمور.
وحسب مكتب الإعلام لقوة الردع، فإنها قبضت على فهمي سليم بن خليفة الملقب بـ"ملك التهريب" كما يشتهر في مدينة زوارة غربي ليبيا، وقالت إنه يعتبر من أكبر المهربين عبر البحر ويمتلك ناقلات يستعملها في تهريب المحروقات، كما نشط في إرسال قوارب الهجرة غير النظامية عبر شواطئ مدينتي زوارة وصبراتة غربي طرابلس.
ويمتلك بن خليفة عقارات في كل من مالطا وتركيا، وهو من أكبر مهربي رؤوس الأموال بأنواعها، وأظهرت التحقيقات الأولية كما نشرتها قوات الردع تورط شخصيات ليبية وغيرها بمدن زوارة والزاوية وصبراتة في عمليات تهريب المحروقات والبشر.
من جهتها، أشادت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بإلقاء قوات الردع الخاصة القبض على بن خليفة بناء على مذكرة من النائب العام، وقالت إن عمليات التهريب المدعومة والعابرة للحدود من الجرائم الاقتصادية الكبرى التي تستهدف قوت الشعب الليبي لها تأثير بالغ في استقرار البلاد. تجارة التهريب
ونشطت في ليبيا منذ سنوات تجارة التهريب خاصة التي تستهدف المحروقات بأنواعها كما تستهدف أرواح البشر، ففي تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية عن الحوادث البحرية في ليبيا منذ مطلع 2017 بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين الذين جرى تهريبهم إلى إيطاليا 97931 مهاجرا، في حين جرى إنقاذ 13148 مهاجرا، وانتشال 2244 جثة غرقت في عرض البحر قبالة السواحل الليبية.
وفيما يتعلق بعمليات تهريب الوقود والمحروقات، قال رئيس لجنة الوقود والغاز ميلاد الهجرسي إن ما جرى منع تهريبه من مادة وقود الديزل منذ شهر مارس/آذار وحتى يوليو/تموز من العام الجاري قدّر بـ102 مليون لتر، أي ما يعادل عشرين مليون وخمسمئة ألف لتر شهريا، وجرى توفير نحو 188 مليون لتر من الوقود بالمستودعات في المنطقة الغربية.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الهجرسي إنه في ظل الانقسام السياسي الذي تمر به ليبيا وتدني قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، تمكنت العصابات المحلية والدولية من جعل ليبيا مسرحا لأكبر عمليات التهريب في العالم، ووصل الأمر إلى استهداف البنية التحتية للدولة الليبية وفك أسلاك وإسقاط أعمدة الكهرباء لبيعها كخردة، فضلا عن تهريب المواشي والمواد الغذائية المدعومة ومواد البناء للدول المجاورة.
ويطالب الهجرسي حكومة الوفاق الوطني بضرورة دعم سرايا تأمين الحدود والأجهزة الأمنية وسلاح الجو والقوات البحرية للقضاء على تفاقم هذه الظاهرة.
المعارضة التشادية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد السلام الراجحي أن اتفاقية الصداقة الليبية الإيطالية التي وقعت بين حكومة الوفاق الوطني والحكومة الإيطالية بما يخص تدريب وتطوير سلاح البحرية الليبي ستحد من تفاقم الظاهرة، وأن اتهام رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج بالسماح للقطع البحرية الإيطالية بالدخول للمياه الإقليمية الليبية على أنه انتهاك السيادة الليبية إنما يأتي في إطار المناكفات السياسية لرافضي الاتفاق السياسي.
ويستشهد الراجحي بدراسة لمنظمة الهجرة الدولية ذُكر فيها أن آلاف المهاجرين الموجودين بمراكز الاحتجاز والإيواء بليبيا من جنسيات أفريقية وعربية تسببت بدخولهم إلى ليبيا عناصر المعارضة التشادية والسودانية المسلحة التي أصبحت جزءا أصيلا من تجارة الهجرة غير النظامية. وأضاف الراجحي أن نحو 63% من المهاجرين يدخلون إلى ليبيا ومن ثم إلى مدن الساحل الغربي الليبي عبر منافذ حدودية تسيطر عليها قوات الكرامة، أهمها المنفذ الليبي المصري "امساعد" الذي يستخدمه المهاجرون من جنسيات مصرية وسورية وفلسطينية، أما المنفذ الليبي السوداني "العوينات" فيستخدمه المهاجرون من جنسيات سودانية وصومالية وإريتريا وإثيوبية، والمنفذ الليبي التشادي "السارة" يستخدمه المهاجرون من جنسيات تشاد وأفريقيا الوسطى ونيجيريا والكاميرون.
ويتهم الراجحي الحكومة الليبية المؤقتة غير المعترف بها دوليا والمنبثقة عن مجلس النواب بالمساهمة في ازدياد ظاهرة التهريب بعد إلغاء القوة الليبية السودانية المشتركة شهر يوليو/تموز 2015 التي كانت تؤمن الحدود.
فبعد إلغاء الاتفاقية بأيام، شهدت مدينة الكفرة -كبرى المدن الحدودية مع السودان- حصارا وهجوما مسلحا كبيرا للسيطرة على المدينة من قبل المعارضة السودانية والتشادية المسلحة.
وأصبحت هذه القوات تعمل على تجارة الهجرة غير النظامية بعد سيطرتها على جزء كبيرة من خط سير المهاجرين.
المصدر : الجزيرة