ويتزامن يوم القدس العالمی فی سنه 2024 مع استمرار جرائم الكيان الصهيوني في غزة. إن قتل النساء والأطفال في غزة منذ نحو ستة أشهر لم يستطع أن يقلل من عظمة وإرادة الشعب الفلسطيني.بل قادت الکیان الصهيوني إلى الدمار أكثر من أي وقت مضى. إن مقاومة صيام أهل غزة في شهر رمضان تظهر أن الطريق إلى تحرير القدس لا يكون إلا بالمقاومة.يمكن تعريف السابع من أكتوبر بأنه بداية تاريخ جديد في طريق حرية فلسطين والقدس الشريف. في الحقيقة، إن السابع من أكتوبر وما حمله من تداعيات استراتيجية، كان لحظة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطین، وكان منعطفا جديدا في مسار القضية الفلسطينية حيث أخرجها من دائرة التهميش إقليميا ودوليا وجعلها قضية كل العالم، كما أفشل كل المخططات التي كانت تحاك ضد الشعب الفلسطيني بعد الإعلان عن صفقة القرن، وانطلاق مسلسل التطبيع. فكانت معركة طوفان الأقصى عملية استباقية وحرب استراتيجية ساهمت من جهة في تعطيل كل مخططات التصفية التي باركتها الأنظمة العربية المطبعة، وساهمت من جهة أخرى في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة المنتظم الدولي.
هكذا وبعد مرور حوالي ستة أشهر عن الحرب على غزة، وبعد ارتقاء ما يقارب ٣٣ ألف شهيد، وتدمير آلاف المباني العمرانية، ونزوح مئات الآلاف من شمال غزة نحو جنوبها، واستهداف كل المرافق المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس والجامعات والكنائس والمساجد ومؤسسات الأونروا ومنع قوافل المساعدات، لم يحقق الجيش الصهيوني أيا من أهدافه التي أعلن عنها عبر وسائل الإعلام والمتمثلة في: تحرير الرهائن- القضاء على حماس- إقامة سلطة إدارية منزوعة السلاح في غزة.
أما الهدف الميداني غير المعلن عنه والذي كان ولا زال يصبو إليه الجيش المجرم من خلال آلة تدميره الهمجية فهو تخيير أهل غزة بين الموت على أرضهم أو الهجرة إلى سيناء.
فأمام هذا العجز العسكري الصهيوني، وأمام الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية في غزة على كل جبهات القتال، وأمام فشل العملية البرية وتكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، لم يجد الجيش “الأكثر أخلاقية” كما يحلو له تسمية نفسه، بُدّاً من استهداف الأطفال والنساء ورفع الكلفة البشرية للدفع بالحاضنة الشعبية للمقاومة إلى الانقلاب عليها وإرغامها على ترك أنفاقها ووضع سلاحها حفاظا على الأرواح والممتلكات وضمانا لحياة كيفما كانت هذه الحياة، وهو الأمر الذي لم يتَأتَّ لجيش الحَفَّاظَاتِ، ما جعله متورطا في حرب استنزاف لا قِبَلَ له بها، ليبقى أمامه حل وحيد يمتلك قراره، هو الانسحاب من غزة وهو يجر أذيال هزيمته التاريخية.
وفي خضم من الحرب على غزة وصمود مقاومتها، استفاق ضمير العالم واستعادت الشعوب وعيها وصحت من غفوة الكذبة الصهيونية في معظم عواصم العالم، وانكشفت حقيقة “إسرائيل الضحية“، وعبَّرت المسيرات والوقفات التضامنية مع فلسطين والمقاطعات للبضائع والمحلات والشركات الداعمة للكيان الصهيوني عن مطالبة كل أحرار العالم بإنهاء الاحتلال الصهيوني وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
كما ظهر الوجه الزائف للكيان الصهيوني في قضية المحرقة.أما الكيان الجرثومي الذي يدعي تعرضه للمحرقة، ويدعي تعرضه للإبادة الجماعية من قِبَل النازية والفاشية الغربية الأوروبية، فهو يمارسها في حق شعب بريء لا علاقة له بها. فما الفرق بين أن تُحرَقَ داخل فرن غازي أو أن تَحرِق غيرك بالقنابل العنقودية والفوسفورية، النتيجة واحدة هي الإبادة. فلو كان يهود الغجر الذين حكموا ويحكمون الكيان ممن عاشوا المحرقة النازية لما سمحت لهم أنفسهم فوبيا المحرقة بإعادتها وارتكابها في شعب فلسطين البريء على مر 75 سنة.
في مقابل كل هذا الحراك العالمي تصطف الدول الغربية إلى جانب الكيان الغاصب، وتعطيه الحق في تصفية المقاومة، وتسمي ذلك دفاعا عن النفس، مع تزويده بالمال والسلاح والخبرة والمعلومات، وتأمين ظهره وحمايته من مغبة توسع دائرة وجبهات الحرب. لكن فلسطين وغزة ليسا وحدهما. غزة ستنتصر كما وعد الله بهذا النصر. ولكن اليوم هو يوم الاختبار للحكومات والأمم الإسلامية والضمائر الإنسانية كافة. ستتحدث الأجيال القادمة عن اليوم وستحكم على الأمم والحكومات.
*مستشار السفاره الجمهوریه الاسلامیه الایرانیه فی موریتانیا