أكد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز اليوم الأحد في نواكشوط خلال الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الإفريقي، أن التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها القارة الإفريقية، كالإرهاب والتطرف والمتاجرة بالمخدرات وتعدد بؤر التوتر، تشكل عائقا حقيقيا في وجه التنمية المستدامة.
وأضاف أن هذا الأمر يتطلب من القادة الأفارقة، وضع مقاربة جماعية ترتكز على تنسيق الجهود لرفع هذه التحديات، مشيرا إلى أن نجاح هذه المقاربة في القضاء على ظواهر الإرهاب والعنف والتطرف، وإخماد بؤر التوتر، يتوجب علينا تضمينها أبعادا تعالج الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع بعض شبابنا إلى التشدد والانحراف.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب فخامة الرئيس:
"بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
فخامة السيد بول كاغامي، رئيس جمهورية روندا، الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي،
إخوتي قادة الدول الإفريقية،
صاحب المعالي السيد موسى فاكي محمد، رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي،
صاحبة المعالي السيدة أمينة محمد، الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة،
صاحب المعالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب السعادة ضيوفنا الكرام،
أيها السادة والسيدات،
يسعدني أن أرحب بكم إخوتي أصحاب الجلالة والفخامة قادة الدول ورؤساء الحكومات، في بلدكم الثاني موريتانيا وأشكر لكم تشريفكم لنا بحضوركم اليوم معنا للمشاركة في اجتماع الاتحاد الإفريقي على مستوى القمة في مدينة نواكشوط.
كما يطيب لي أن أرحب بضيوفنا الكرام أصحاب المعالي ممثلي الدول والحكومات الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإقليمية، وأحيي الجهود الحثيثة التي بذلتها مشكورة أجهزة الاتحاد الإفريقي من أجل الإعداد المحكم لقمتنا هذه بالتنسيق مع اللجنة المحلية المكلفة بتحضيرات هذا الحدث الكبير.
أصحاب الجلالة والفخامة،
أيها السادة والسيدات،
تكتسي هذه القمة لدى الشعب الموريتاني أهمية خاصة، فلأول مرة تتشرف بلادنا، العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية باستضافة اجتماع على مستوى القمة لقادة قارتنا، فهذه البلاد عرفت على مر العصور، بتشبث أهلها بانتمائهم الإفريقي واشتهرت بالدور المحوري الذي لعبته قوافلها ومدنها التاريخية في منظومة التبادل الثقافي والتجاري بين دول عديدة في شمال وغرب إفريقيا، منطلقة من مجالها الجغرافي دول وإمبراطوريات عظيمة كإمبراطوريتي مالي وغانا ودولة المرابطين فشملت مناطق كبيرة من إفريقيا.
وانسجاما مع هذا الدور التاريخي، قررت موريتانيا خلال العشرية الأخيرة التركيز على تطوير علاقاتها مع الدول الإفريقية الشقيقة وتعزيز السلم والأمن والاستقرار في الساحل والصحراء والمساهمة في حل النزاعات في القارة والعمل على أن تتبوأ موريتانيا مكانتها البارزة فيها، وعلى الصعيد الدولي.
أصحاب الجلالة والفخامة،
أيها السادة والسيدات،
لقد قررتم، أصحاب الجلالة والفخامة، أن يكون شعار السنة الجارية: "الانتصار لمحاربة الفساد، نهجا مستداما نحو تحويل إفريقيا"، ذلك أن إحراز النصر في محاربة الفساد يعتبر شرطا ضروريا للنمو والرخاء، فالدول التي كسبت رهان محاربة الفساد، سجلت نتائج هامة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، وفي هذا الإطار عملت موريتانيا خلال السنوات التسع الأخيرة على محاربة الفساد بلا هوادة من خلال سن قانون لمحاربة الرشوة بفعالية، وإطلاق مبادرات رائدة في مجال الشفافية في قطاع الصيد البحري والانضمام إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية كما عرفت البلاد نهضة نوعية في مجال ترقية الحريات الفردية والجماعية وتم ترسيخ دولة القانون وتفعيل مختلف هيئات الرقابة والتفتيش.
وقد مكنت هذه الإجراءات من الحد من الفساد بدرجة كبيرة الشيء الذي وفر للدولة موارد معتبرة تم توجيهها لتنفيذ مشاريع تنموية حيوية في ميادين الأمن والطاقة والنقل والبنى التحتية الأساسية في مجالات المياه والصحة والتعليم.
أصحاب الجلالة والفخامة،
أيها السادة والسيدات،
إن التوقيع الرسمي من قبل القادة الأفارقة خلال القمة الاستثنائية الأخيرة في كيغالي على الاتفاقية المتعلقة بمنطقة التبادل الحر والتي تشكل حجر الزاوية في أجندة 2063، يمثل خطوة حاسمة على طريق الاندماج التجاري والاقتصادي على مستوى قارتنا.
وستوفر هذه المنطقة فرصا حقيقية لتشغيل الشباب الإفريقي، من خلال تشجيع التصنيع وتعزيز الاستثمارات على عموم قارتنا. كما أن اعتماد أبروتوكول حرية تنقل الأفراد سيؤمن انسيابية أكبر في حركة الأشخاص في فضائنا الإفريقي رافعا مستوى التبادل في مجال الخبرات والثقافة والعلوم.
أصحاب الجلالة والفخامة،
أيها السادة والسيدات،
تواجه إفريقيا تحديات أمنية كبيرة كالإرهاب والتطرف والمتاجرة بالمخدرات وتعدد بؤر التوتر، تحديات تشكل عائقا حقيقيا في وجه التنمية المستدامة إذ لا يمكن تصور تنمية بدون أمن، الأمر الذي يتطلب منا وضع مقاربة جماعية ترتكز على تنسيق جهود دولنا لرفع هذه التحديات. ولضمان نجاح هذه المقاربة في القضاء على ظواهر الإرهاب والعنف والتطرف، وإخماد بؤر التوتر، يتوجب علينا تضمينها أبعادا تعالج الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع بعض شبابنا إلى التشدد والانحراف.
لقد اعتمدنا في موريتانيا مقاربة أمنية شاملة لهذه الأبعاد مما مكننا من دحر الإرهاب وتأمين كامل حوزتنا الترابية. وفي نفس السياق أنشأنا مع أشقائنا في بوركينا افاسو ومالي والنيجر واتشاد مجموعة دول الساحل الخمس، التي أصبحت في وقت قياسي، فاعلا أساسيا في كل المبادرات الهادفة إلى بسط الأمن ورفع التحديات التنموية في منطقة الساحل والصحراء.
أصحاب الجلالة والفخامة،
أيها السادة والسيدات،
أود في الختام أن أجدد الترحيب بكم جميعا، إخوتي قادة الدول والحكومات ورؤساء الوفود وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، شاكرا لكم تجشم عناء السفر تلبية لدعوتنا، ومتمنيا لشعوبنا المزيد من التقدم والازدهار ولأعمال قمتنا هذه موفور النجاح والتوفيق.
عاشت إفريقيا حرة وموحدة
عاش الاتحاد الإفريقي
وأشكركم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".