لا يختلف اثنان اليوم علي أن بلادنا خلال السنوات الأخيرة احتلت المرتبة الأولى عربيا في مجال حرية التعبير، كما اعتقد أن الاختلاف غير قائم علي الاستغلال المفرط لجو الحريات المعاش في بلادنا تحت يافطات متعددة في خبر عاجل أحيانا و آخر آجل أحايين أخري و اختلطت المعايير فاصبحنا لانفرق بين الخبر و الشائعة و التدوين و التشهير،و التخوين.
ونحن نعلم جميعا بأن حرية التعبير هي حق سياسي لإيصال أفكار الشخص من خلال الحديث بالمخاطبة أو الكتابة عبر وسائط الاتصال المعروفة و المتعددة. ولم ولن يكن حق حرية التعبير مطلقاً في أي بلد بل هو مقيد في حالات متعددة كحالات التشهير والفحش والتحريض على ارتكاب الجريمة لما لذلك من انعكاس علي حقوق الاخرين انطلاقا من أن حريتنا تنتهي حينما تتعدى إلي حرية الآخرين، كما أننا نعلم بأن أول من نادى بحرية الرأي و التعبير هو الفليسوف جون ستيوارت ميل لكنه وضع لها حدوداً تحت بند إلحاق الضرر وما ادريك ما الضرر، وفسر هذا المفهوم بالعواقب التي تترتب على حرية الرأي والتعبير و التي بلغ سيلها الزبي في بلادنا اليوم و للأسف الشديد فلم تسلم مقدساتنا الدينية، ولا علماؤنا الأجلاء، ولا رئيسنا، و لا حكومتنا ولا جيشنا الوطني فقد نال كل نصيبه من النقد، و السب، والتشهير، والتلفيق سامح الله الجميع.
فلا شريعتنا الاسلاميه الغراء ولا تربيتنا المدنية تسمحان بالتشهير و لا السب، و لا القذف، و لا الافتراء بل تدعونا عند الاقتضاء في حال الاختلاف إلي الرجوع الي الله و إلي الرسول صلى الله عليه وسلم عملا بقوله تعالى " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ "، كما أن الممارسة الديموقراطية و المعاهدات الدولية لم تسمح بذلك فاعتراف الاعلان العالمي لحقوق الانسان بحق حرية التعبير كحق أساسي من حقوق الإنسان، والاعتراف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لم يمنعاه من التقييد. حيث تنص المادة 19 من العهد الدولي علي أن : " لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة" وأنه "لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". وتتعدى المادة لتبين أن ممارسة هذه الحقوق يستنبع "واجبات ومسؤوليات خاصة" وأنه "وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود" عند الضرورة "لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم" أو " لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".
وانطلاقا مما تقدم، و رغم أنني لست من الكتاب، ولا الصحفيين و لا المدونين تعذرا لا كرها، فانني اهيب بهم جميعا في ظل هذا المشهد المربك من أجل الاستغلال الأمثل لهذه الثورة التكنولوجية و لجو الحريات المعاش في بلادنا و الابتعاد عن المزايدات السياسية أو الشخصية إن راق المصطلح، و كذا السب و التشهير و التجريح لكي يتسنى لنا كمتلقين التعامل بواقعية مع هذه الحزمة من المعلومات الموجهة أحيانا و المرتجلة أو المزيفة أحايين أخري والتي تردنا تباعا كحقائق و كشائعات وفق مصادر شخصية، و رسمية، و مضطلعة، و عليمة، و مأذونة، و مقربة و حتى عائلية ......... إلي آخر القائمة. و جدير بالقول أن القسط الأكبر من هذا التحدى يقع علينا نحن الشباب بالدرجة الأولى من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية و في مقدمتها تعزيز آليات العمل الديمقراطي بغية المساهمة الفاعلة في المشروع الحضاري لموريتانيا والذي يجد فيه الجميع ضالته و ما ذلك على الله بعزيز.
محمد الأمين ولد مختار ولد حبيب