لا أعرف عدد المدافعين عن هذا النّظام ولا أحفظ أسماءهم، هنالك من سخّر نفسه وتبرع بقلمه خدمة للحقّ، لا يريد جزاءً ولا شكوراً، وفي الجانب الآخر توجد أسماء نحفظها ونعرفها بالنّواصي والأقدام، تهاجم هذا النّظام بكلّ الوسائل لدوافع أخرى، مع وجود استثناءات في الجانبين، لأنه يوجد من بيننا من لا يؤمن بمبادئنا ومن يدافع مقابل أشياء زهيدة، ولكن هؤلاء لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، وأغلبهم قطع الشّك باليقين، منهم من نكص ومن أدبر ومن أعرض، على العكس من مئات المُغردين في ساحات المال، والمَحكومين بقانون الغاب، قانون لا سيادة فيه إلاّ للقويّ.
لماذا يذعن رجال الرأي والفكر لقرارات التاجر؟ وماهي القواسم المشتركة بين المفكر والسّياسي، والشّاعر والفنّان والمغني والكاتب والرّاقص والشّاعر والنّقابي والمحامي والصّحفي؟ وماذا تقولون إن كان منسق العمل رجل أعمال؟
لا أعتقد أن القاسم المشترك بين هؤلاء هو الثقافة والكتابة! ولا أتمنى أن يكون لهواً ولا مجنوناً، أعتقد أنهم يشتركون في مسألتين اثنتين لا ثالثة لهما، أن الجنسية واحدة وذلك حق مصان لا يحتاج إلى اصطفاف وتآمر، أما المسألة الثانية فهي حاجتهم إلى المال والجِبلة إلى الهلع إليه، وأعي أن ما يجمعهم هو ما يجمع الإسلامي بالعلماني، واليمينيّ باليساريّ، والصّالح بالطّافح، والمُلحد بالمُوحد...
أعيب على الأديب والكاتب أن يشارك الذّباب في المأدبة، كان حريا بالمثقف أن يرفع اليد والسّاعد، وأهيب بالصحفي والسّياسي والنّقابي والمُحامي أن ينقاد للدّهم والدّينار مقابل الخطّ والتّوجه والمبدأ، هي كُومة أخرى من الضّائعين الضّالعين، وهو انحباس الحسّ الوطني أمام مشاهد الغرور، وهي انتكاسة الإبداع أمام الفشل.
لم يسجل التّاريخ للمال التّربّع على المفاهيم الجامعة، ولم يكتب لأصحابه السّيادة على الضمائر، مهما كانت مشقة الجود والإقدام..
سيروي التاريخ ما قدموا وآثارهم، وسيُحيي النّجداء بعد أن ترسم التّحقيقات طبيعة الآثار، وتوضح التّسريبات لغة الكتابة وأحجام الخط.