ضفت مبادرة "إحياء" التي يقوم عليها شباب عرب في مدينة إسطنبول قيمة مضافة للعمل الخيري، يتحول المستفيد من الإغاثة فيها بطريقة غير تقليدية إلى متبرع لآخر يحتاج المساعدة في جانب مختلف.
وتقوم فكرة مبادرة "إحياء" على جمع الملابس المستعملة وبيعها في بازارات ومعارض نظمتها المبادرة بالتعاون مع جمعية "إنسانية" الخيرية بمدينة إسطنبول، ليشتريها المستفيدون بأسعار رمزية، وتنفق العائدات في مشاريع أكثر إلحاحا في الداخل السوري.
ووفقا للقائمين على مبادرة إحياء فإن تميزها يكمن في شقين، الأول أنها تخرج عن المألوف حيث جرت العادة أن تجمع الملابس وترسل مباشرة إلى سوريا، والثاني أنها تعزز ثقافة التبرع والإغاثة على قاعدة "تدوير المنفعة".
ووصف علاء الناشط المصري في مبادرة إحياء تجاوب المتبرعين مع إعلان المبادرة حاجتها للملابس المستعملة بالممتاز، موضحا أن المبادرة جمعت أكثر من مئة صندوق يحتوي الواحد منها على ما بين أربعين إلى خمسين قطعة ملابس من المقاسات المختلفة التي تناسب كافة الأعمار من الجنسين.
وقال إن الملابس تعرض للبيع بأسعار زهيدة لا تتجاوز عشر ليرات (نحو أربعة دولارات) للقطعة الواحدة، رغم أن غالبها بجودة ممتازة. وفرت هذه المبادرة ملابس زهيدة الثمن بكلفة لا تتجاوز 5% من كلفة الجديد الذي يثقل شراؤه كاهل الطبقات الفقيرة، فأقبلت عليها عشرات الأسر العربية والتركية على السواء، مثل الثلاثينية التركية سيبيل التي التقتها الجزيرة نت على مدخل البازار المقام في منطقة بكركوي، بعدما اشترت كسوة العيد لأطفالها الثلاثة.
وقالت سيبيل إنها اعتادت على شراء الملابس المستعملة لأبنائها بسبب ضيق ذات اليد، لكنها تشعر بسعادة كبيرة هذه المرة لأن ما دفعته من مبلغ زهيد لا يتجاوز 15 دولارا صار صدقة ينتفع منها فقراء آخرون.
وتتجه كثير من الجمعيات الخيرية في تركيا إلى تنفيذ جزء من مشاريعها في تركيا ونقل أجزاء أخرى للداخل السوري، سواء كان ذلك على صعيد توزيع لحوم الأضاحي أو المواد الغذائية وحلوى العيد أو المساعدات النقدية.
وقالت الناشطة مغفرة علي إن فكرة مبادرة إحياء بدأت أيضا تقليدية عبر توجه الناشطين لجمع الملابس وإرسالها إلى الداخل السوري، لكنهم عدلوا عن ذلك بعدما تواصلت المبادرة مع العاملين في مجال الإغاثة هناك، والذين أكدوا بدورهم أن الحاجة للملابس تكون أعظم في فصل الشتاء لكنها غير ملحة في هذه الأيام. وأضافت الناشطة المقيمة في إسطنبول منذ سنوات أن الحاجة بدت ملحة للمال الذي سيستخدم في مشاريع لحفر آبار للمياه الصالحة للشرب وأخرى لــ "سلة الغذاء"، الأمر الذي هدى الناشطين إلى تنفيذ مشروع الملابس بطريقة تنفع المحتاج في تركيا وتوفر المال للمحتاج في سوريا في الوقت ذاته.
وأوضحت أن الناشطين سيبادرون في الأيام المقبلة لعرض الملابس في مناطق ذات وجود عربي كبير بمدينة إسطنبول مثل أسنيورت وفاتح وشيرين أفلير، وتوقعت أن يوسع ذلك من شريحة المستفيدين منها.
وبحسب الناشطة فريدة مطر، فإن المتطوعين في المبادرة يعملون بشكل أساسي على خلق وتطوير أفكار إيجابية بسيطة وسلسة يسهل تطبيقها في المجتمع، لكنها تترك آثارا في ثقافة الناس وسلوكهم.
وقالت مطر إن المبادرة بطابعها التطوعي تعتمد نظام المجاميع الشبابية، حيث تلتقي كل مجموعة شبابية فيها ضمن مساحة اهتمام مشترك سواء في مجال الإغاثة أو الإعلام أو العمل التطوعي أو غيرها لتخلق مساحة يتمكن الناشطون من التفاعل الإيجابي فيها لخدمة مجتمعهم ضمن توجهاتهم.
ورأت أن الفائدة في هذا النوع من التطوع لا تنعكس على المجتمع المستفيد من المبادرات فحسب، بل يمتد ليشمل المبادرين أنفسهم الذين يعززون خبراتهم ومعارفهم وقدراتهم على العمل التطوعي من خلال التجارب التي يصنعونها معا.
المصدر : الجزيرة