وفق الرئيس محمد ولد عبد العزيز مساء الخميس الماضي خلال خرجته الاعلامية فى حفل اختتام الحوار الوطني فى التسامي والظهور بمظهر رئيس كل الموريتانيين الغيور على الوطن ، حامي الدستور الذي يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار ويحسم الجدل فى موضوع المأموريات.
ذاك المساء كان الرئيس مستمعا متيقظا وكان بشوشا صبورا فقد استمع إلى متتالية مخرجات الحوار الرتيبة بلغة الوطن وبلغة المستعمر وأشرف على توقيعها ورفع من شأنها رغم ترهلها وعدم تماسكها.
الرئيس فاجأ الجميع حتى أقرب "مؤيديه" وخاطب الشعب بعفوية وأفصح وأبان عن ما كان ينتظر منه وهذه قمة الخطابة السياسية.
لكن الشيطان لا يفوت عادة مثل هذه الفرص ويكمن فى التفاصيل وقد كمن فى قضية العلم والنشيد التي دست دسا رغم أنها ليست من المستعجلات .. وعداوة الشيطان للنشيد مبررة وتليدة منذ أقدم الدهارير لأن النشيد توحيدي وسطي يدغدغ مشاعر كل الموحدين فى كل زمان وفى كل مكان وقد أقحم موضوعه ككمين لم يتجنبه الرئيس رغم مؤهلاته العسكرية ، ونفس الشيء حدث مع العلم الوطني ، ففخامة الرئيس قال ذاك المساء بأن أحدا لم يبرر له بصورة مقنعة لما ذا تم اختيار اللونين الأخضر والذهبي ولا أشك أن فخامته مدرك لدلالات الألوان لأنه عندما تعلق الأمر بالعارضة الحمراء اعتبرها رمزا لدماء الشهداء – وبالمناسبة فالشهداء على عكس ما يسوقه البعض ليسوا جماعة بعينها فمنهم شهداء القرن الثاني الهجري الذين أدخلوا الإسلام لبلاد المنكب البرزخي ، ومنهم شهداء المرابطين الأماجد الذين ضمخت دماؤهم الزكية أديم الأرض الإفريقية وأدخلوا الاسلام لأمصار إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، ومنهم شهداء المقاومة العسكرية والثقافية للإستعمار ، ومنهم شهداء الذود عن حياض الوطن خلال حرب الصحراء ، ومنهم شهداء حماية الحدود الجنوبية والشرقية – وآخرين من دون هؤلاء وأولائك وكلهم يستحقون حزمة أو حزما من إعادة الاعتبار المادي والمعنوي فى جوهره ، وكل هؤلاء وأولائك يجدون رمزية تضحياتهم فى اللون الأخضر الذي يمثل الخصب والنماء والتحام السماء بالأرض وإعمار الأرض وتحمل الأمانة على الوجه الذي يرضي الله ورسوله ولا أخال أحدا منهم يرتفع شأنه بإدخال عارضة جزافية حمراء أنتجتها قرائح العذيطة السياسية فى زمن ما بعد الربيع العربي.
فلو تجنب الرئيس كمائن البطانة وتحاشي مثل هذه الأمور الغير مجمع عليها لكانت خرجته تاريخية ولشكل ديناميكية لإجماع وطني فى لحظة مفصلية.
على أية حال ما يزال أمام فخامته متسع من الوقت ومن التفكير لفك الارتباط بين الجوهر والشكل وتجنب مطبات المرجفين فى "الموالاة" التي أودت بكل من سبقوه ، وما تزال أمام الشعب فرصة الاستفتاء لميز الصالح من الطالح.
بقلم: محمد عبد الله محمدو