لا يوجد من يستطيع تأكيد وجود حياة على كوكب المريخ في الوقت الحاضر، أو حتى ما إذا كانت هناك حياةٌ على سطحه في أي وقت مضى. ورغم ذلك، باتت لدينا الآن وسيلة للبحث عن أي ميكروبات أو بكتريا أو كائنات مجهرية ربما تكون قد قَدِمتُ من المريخ إلى سطح الأرض.
من بين أكثر المسائل المحيرة للعلماء تلك المتعلقة بوجود حياة على كوكب المريخ، سواء الآن أو في الماضي، حتى وإن كانت في شكل ميكروبات ليس أكثر.
ورغم الجهود المضنية التي بُذلت في هذا الشأن، والتي شملت إرسال رحلات فضائية دارت حول الكوكب، أو عربات استكشاف سارت على سطحه لتحليل صخوره وتربته الحمراء، فلم ننجح حتى الآن في رصد أي مؤشرات في هذا الصدد على نحو حاسم ونهائي.
الآن؛ صارت لدينا تقنيات جديدة قد تُمكِننا بحق من أن نرصد هنا على الأرض، اثار أي حياة ميكروبية ربما تكون قد نشأت في المريخ ووصلت إلى كوكبنا من خلال النيازك التي قَدِمتْ إلينا من الكوكب الأحمر.
ولسنا بحاجة للتشكك في فعالية هذه التقنيات في ضوء أنها أثبتت نجاحها بالفعل على أرض الواقع، إذ استُخدِمَت في تجربة كانت الأولى من نوعها لرصد أي آثار محتملة لحياة نشأت قديماً على صخور بازلتية موجودة على سطح الأرض.
وتمثلت الميزة الرئيسية لهذه الصخور في أنها شديدة الشبه بتلك التي وُجِدتْ على المريخ.
وبشكل أو آخر، يمثل السطح الخارجي لأحجار النيازك القادمة من المريخ عنصراً حاسماً في هذا الشأن، مثله مثل أي سطح خارجي آخر للكثير من المواد المحيطة بنا.
فبينما يبدو أننا نعيش في عالم ثلاثي الأبعاد؛ فإن بوسعي القول إن غالبيتنا يعيشون في حياةٍ ذات بعدين فحسب. فكل ما نراه تقريباً (باستثناء الزجاج وبعض المواد البلاستيكية، والبلور أحياناً) مصمتٌ ومعتم، وهو ما يجعلنا لا نرى أو نتعامل سوى مع السطح الخارجي لهذه الأشياء فقط، وهو ما يدفعنا للقول إن الحياة – في عديدٍ من أوجهها – مفعمة بتأثير المظهر أو السطح الخارجي.
وعلى سبيل المثال، عندما أعود لمكتبي بعد عطلة نهاية الأسبوع، أجد أشياء وقد تراكمت فوق سطح كوب القهوة الخاص بيّ خلال الإجازة.
فألجأ من حينٍ لآخر إلى حك الكوب (من السطح كذلك) من أجل تنظيفه قليلاً، ولكن حتى هنا أجد نفسي بحاجة إلى قطعة قماش ذات سطح ملائم لهذا الغرض.
وتصبح مسألة السطح هذه ذات أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بمسائل أكثر جدية تتصل بالطب وعلم الأحياء. فالمضادات الحيوية والأدوية المضادة للفطريات، تؤدي عملها - بصورة عامة - من خلال إلحاق أضرارٍ فادحة بالسطح الخارجي للبكتريا والفطريات.
وتنفق هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (إن إتش إس) أموالاً طائلةً في كل عام لاستبدال أنابيب القسطرة بسبب تراكم "أشياء" على سطح كلٍ منها.
والقائمة تطول في هذا الشأن. ولذا فالسطح الخارجي مهمٌ ومؤثرٌ بالفعل.
فبعض أقدم أشكال الحياة التي ظهرت على كوكبنا، اضْطُرت إلى أن تُهيئ لأنفسها أسطحاً خارجية ملائمة لها للعيش عليها.
فمن خلال فحص أسطح بعض عينات الصخور البازلتية التي كانت تقبع على عمق مئات الأمتار أسفل قاع المحيط الهادئ، نجحنا في اكتشاف مركبات عضوية مُترسبة حول "أنفاقٍ" متناهية الصغر هناك.
ومن المعتقد أن هذه الأنفاق الموجودة في صخور يبلغ عمرها نحو 220 مليون عام، أُحدِثتْ من جانب فطر على شكل خيوط متشعبة ويشبه أصبع الإنسان، وذلك لهدف من اثنين؛ إما العثور على مواد يتغذى عليها أو الاختباء من كائنات تتغذى هي عليه.
وقد شوهدت تكويناتٌ مشابهة في صخور يصل عمرها إلى 3.3 مليار عام، ما قد يجعل هذه التكوينات دليلاً على وجود بعضٍ من أقدم أشكال الحياة على سطح الأرض.