فاطمة ابنة العشر سنوات طفلة قروية موريتانية...
تسكن هي وأخوها مصطفى في بيت عمهما في قرية تقع قرب طريق الامل بين العاصمة ومدينة بو تلميت ...
عمها رجل طيب ..أكبر من والدها باثني عشرة سنة...لكنه أصبح قليل الحركة , ضعيف الجسم...بسبب المرض.
منذ وفاة والدَيْ فاطمة قبل سنة ونصف في حادث سيارة انتقلت مع اخيها لبيت العم وأقاما مع زوجته وأبنائها...في جو لم يألفوه وحياة لم يجربوها من قبل.
فاطمة تفهم معنى الموت وتدرك أنه يعني استحالة العودة مرة أخرى الى الدنيا..لكن ما لا تدركه ـ أو على الأصح ـ ما لا تحب أن تدركه أن ارتباطها بوالديها قد انتهى , ولم يبقَ منه الا ذكريات.. أو بقايا أشياء كانت لأمها ما زالت تعتني بها وتحافظ عليها..
أخوها الصغير مصطفى ذي الست سنوات كان بالنسبة لها كل شيء...لا تكاد تفارقه..تحنو عليه..تلاطفه..تحكي له عن حب أمه له...تهدهده...تنام بجانبه ...تحتضنه..
عندما لاحظ العم وزوجته أن الطفلة فاطمة تتسلل في بعض الاوقات الخطرة الى المقبرة القريبة من القرية لزيارة والديها منعاها من ذلك..وهدداها خوفا وحرصا عليها...
لكنها مع ذلك ظلت تزورهما وإن بصورة أقل....
حين تجلس أمام قبر أمها تنهمر دموعها في صمت ..ولربما حدثتها همسا :
أمي ...ماما...مصطفى يسلم عليك...لم يعد شقيا كما كان..أصبح هادئا ومهذبا..أعتقد أنه اصبح أنضج وأعقل....ثم تبتسم ابتسامة باكية حزينة....معتقدة ان تلك الابتسامة تخفف على أمها ألمَ دموعها.
ماما... سلمي على أبي ...قولي له : إني أحبه.. أحبه..افتقده كثيرا..
مشتاقة اليه...نعم...أفتقده , خاصة أيام الاعياد...حين يجلس كل ولد...كل بنت في أحضان آبائهم ..ضاحكين...مستبشرين...فرحين ساعتها أفتقده أكثر...وأضم مصطفى الى صدري وأبكي بحرقة..
وفي أحد المساءات ...وبُعيد نزول مطر قوي انشغل فيه أهل القرية بأخبار السيول وخسائرها...تسللت فاطمة الى المقبرة ...
وفور وصولها نادت أمها وهي في غاية الفرح ......ماما..انظري ماذا أحضرت لك...
ماما ـ وكما وعدتك ـ لقد أحضرت اليوم معي ...
ماذا أحضرت الطفلة لأمها؟
للمتابعة اضغط هـــــــــــــــــــــــــنا