هذه قصة حقيقية واقعية وردت في كتب المؤرخين واتفق عليها الكتاب والعلماء ,
إنها قصة زواج الإمام العَلَم القاضي شريح رحمه الله رحمة واسعة يرويها الامام الشعبي.
قال الشعبي : لَقِيَني القاضي شريح، فقال لي: يا شعبي إذا رغبتَ في الزواج فعليك بنساء بني تميم، فإني رأيتُ لهن عقولا راجحة ، وأدبا جما , ودينا وخُلُقا , وجمالاً نادرا , فقلت وما رأيتَ من عقولهن؟
قال : أقبلتُ ذات يوم من دفن جنازة وقت الظهر، فمررتُ بدور بني تميم وإذا أنا بعجوز تجلس أمام باب دارها وإلى جانبها جارية "فتاة صغيرة" كأحسن ما رأيتُ من الجواري، كأنها البدر ليلة تمامه , فمِلتُ إليها، واستسقيتُها (أي طلبت أن يسقوني) وما بي من عطش , فقالت لي (يعني العجوز): أيُّ الشراب أحب إليك؟ قلت: ما تيسر.
قالت: ويحك يا جارية!! قومي فائيتهِ بلَبنٍ، فإني أظن الرجل غريباً.
فقلتُ للعجوز بعد أن شربتُ من اللبن : يا خالة أخبريني مَنْ تكون هذه الجارية منك؟ قالت: هي ابنتي زينب بنت حدير التميمي إحدى نساء بني حنظلة.
قلت: أهي فارغة أم مشغولة؟ أقصد هل هي متزوجة أو مخطوبة , قالت: بل فارغة.
قلت أتزوجينيها؟ قالت : نعم , إن كنت كفؤا لها , فاذهبْ الى عمّها فحدثهُ بمثل ما حدثتني به فإنها يتيمة الاب.
يقول القاضي شريح : فتركتها ومضيتُ إلى منزلي لأقيلَ فيه، فامتنعت مني القائلة ولم يأتيني النوم لانشغال تفكيري بتلك الجارية، فلما صليتُ العصرَ أخذت بيد إخواني من العرب الأشراف : علقمة والمسيّب وغيرهما ، ومضيتُ أريد عمّها ـ ويبدو أنه كان يعرفني ـ فاستقبلنا في بيته أحسن استقبال وقال : ما شأنك أبا أمية؟ قلتُ : زينب ابنة أخيك , قال: ما بها عنك رغبةٌ، وما بك عنها من نقص, قلت : فزوجنيها , قال : نعْمَ الزوج انت , فأرسل لبعض رجال بني تميم وزوجني زينب بحضرتهم وبشهادتهم.
فلما صارت زينب في عصمتي ندمتُ وقلتُ أي شيء صنعتَ يا شريح؟ فنساء بني تميم، مشهورات بغلظ قلوبهن وقساوة معاشرتهن، فقلتُ في نفسي سأطلقها قبل أن أدخل بها ، ثم قلت : لا، سأدخل بها أولا، فإن رأيتُ منها ما أحب أمسكتُها وإلا كان الطلاق.
فلو شهدتني يا شعبي تلك الليلة ـ يقول القاضي شريح ـ وقد أقبلتْ نساؤها معها حتى أدخلوها عليَّ.
فقالت حين دخلتْ : إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها, فتوضأتُ فإذا هي تتوضأ مثلي، وصليتُ فإذا هي تصلي بصلاتي، فلما قضيتُ صلاتي أَتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبسنني حلّةً قد صُبغت بالزعفران وطُيِّبت بالمسك والبخور.
فلما خلا البيت لنا وذهبت الجواري وبقينا لوحدنا ,دنوتُ منها، فمددت يدي إلى ناصيتها لأكشف الغطاء عن وجهها، فقالت على رسلك أبا أمية, ثم قالت :
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله، أما بعد ، فإني امرأةٌ غريبة لا علمَ لي بأخلاقك فبيِّنْ لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأجتنبه، فإنه قد كانت لك زوجة سابقة في قومك ، والآن قد ملكتَ، فاصنعْ ما أمرك الله تعالى به، إما إمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولك ولجميع المسلمين.
قال: فأحوجتني الفتاة ــ والله يا شعبي ــ إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي وأسلم على محمد وآله , أما بعد،
تابع بقية القصة الشيقة , وهل قام القاضي بعد ذلك بضرب زوجته كما اقترحت عليه أمها....اضغط هــــــــــــــــــنا وأكمل القراءة