أربعمائة وتسع عشرة كلمة هي ما أفلح أهل المنتدى في الإجماع عليه لإصدار بيان نسبوه إلى "اللجنة الإعلامية". حمل البيان، كالعادة، هجوما شرسا على رئيس الجمهورية الذي حاز ثقة الموريتانيين لمأموريتين متتاليتين نافسه في أولاهما قادة المنتدى والتكتل فهزموا في الشوط الأول، مما دفعهم إلى مقاطعة الثانية استباقا لخسارة أشد وطأة وأكثر إيلاما...
بدأ البيان بمنعطف خطير تجاوز فيه المنتدى الأخلاق فاصطدم باللامعقول حين ادعى اطلاعه على أسرار الرئيس، المخالفة لما يعلن الناطق الرسمي في زعمهم... فمن أين لأهل المنتدى أن الرئيس "يسر للبعض في الخفاء بشيء..." فما دام هذا الشيء سرا فلن يطلع عليه سوى خاصة الرئيس ومقربيه، وليس من ضمنهم قطعا مشايخ المنتدى. إذ لو كانوا من خلصائه ومقربيه لكانت البلاد في حال غير التي هي عليها اليوم...
لو كان مشايخ المنتدى من خلصاء الرئيس لكانت "الكبات" على حالها؛ كلما قرب منها العمران رُحل فقراؤها إلى بيداء جرداء، وتقاسم المتنفذون مع الأسماء الخمسة قطعها المستصلحة...
لو كان مشايخ المنتدى من خلصاء الرئيس لكانت "سنيم" بيعت بثمن بخس يربو على العمولات التي استلموها بقليل، ولكان الفساد بلغ حد بيع القصر الرئاسي لأحدهم ضمن خطة اقتصادية تهدف إلى تأمين الرواتب آخر الشهر، ولكانت صوملك ما تزال تبحث عن قطع غيار لمولدها الثاني المتوقف منذ شهور...
لو كان مشايخ المنتدى من خلصاء الرئيس الذين يسر إليهم لسيطر الإرهاب في "هذا الجزء الغالي من وطننا؛ من أذراع إلى أزواد، ومن أزواد إلى شواطئ نهر السنغال..." لتواجهه "قواتنا المسلحة وقوات أمننا الباسلة" ببندقية 1936، مكدسين في شاحنات 1924 مؤجرة من أحد تجار العائلة المقدسة... حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملة *** وما عرفوا للبر مذ "جندوا" طعما...
وكما يقع غالبا عند الإجتياز في "منعطف خطير" انقلب المنتدى.. من مندد "بانقلاب على الدستور" إلى محرض على العنف والفوضى.."فلن يكون هناك من سبيل للتغيير سوى الطرق التي تؤدي إلى عدم الاستقرار..." وبذلك رجعت حليمة إلى عادتها القديمة في التحريض على الانقلابات التي يجرمها الدستور الذي يدعون المحاماة عنه!
ولأن القوم بارعون في بيع الأحلام، وشراء الأوهام، انشغلوا بمستوى الأسعار وأثمان العقار يفتشون عنها في ميزانية الدولة التي يحنون إلى إعادة تسييرها إلى جيوبهم واستثمارها في مراتعهم.. وتأخذهم العزة بالإثم فيتحدثون عن الأخلاق وفيهم من باع الساحات العمومية في بلديته للأسواق، ومن استورد الأرز الفاسد، ومن نهب بنك الإسكان، وشركة الصيد، ومن قبض عليه متلبسا ببيع انقلاب مسروق لقناة الجزيرة التي أسلمها الربيع لعرض المسروقات في "شاهد على العصر"، وترويج الإفك في "حديث الثورة"، والسير في "الاتجاه المعاكس" للخلق القويم، والذوق السليم...
يفرح شيوخ المنتدى، كالأطفال، باكتشاف "مخطط مشبوه يهدف إلى استمرار حكم لا يتورع رئيسه من شيء." وبذلك انتقلت ركاكة النص الفرنسي إلى ترجمته إلى العربية بواسطة غوغل... فلم يسمع، في لغة الضاد.."تورع من..."، وإنما المشهور المتواتر "تورع عن"... وليس من المستغرب أن لا يحسن شيوخ المنتدى الحديث عن الورع وهم الذين "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه" من فساد، ومحسوبية، وزبونية، حين مكنهم الله في الأرض، وسلطهم على رقاب الناس...
انتهى بيان المنتدى بالهتاف، مثلما تنتهي مسيراته التي يقاطعها التكتل حفاظا على "جماهيره العريضة" أن "توقد فلخلاط" فيصعب حشدها للمليونية القادمة مباشرة بعد فشل مسيرة المنتدى... تمرن شيوخ المنتدى على الصدع بلا وهم الذين أدمنوا نعم حين كانوا تروسا في نظام يملأ بهم فراغات هياكله... سيحشد أهل المنتدى، يوم التاسع والعشرين، من المناضلين، عدد كلمات بيانهم يعرضونهم في سوق العاصمة رجاء أن ينضاف إليهم من أهلها تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ثم يصلون إلى ساحة ابن عباس، "ولوحوا العود" الذي رافقهم منذ النشأة، وتعزز ببعرة، حين خرج التكتل، لتحديد من سيقرأ "بيان اللجنة الإعلامية"... و"تيتي.. تيتي.. مثلما امشيت جيت"...
سيدي محمد ولد ابه