علاقتي الشخصية بالرئيس الراحل اعل ولد محمد فال ـ رحمه الله ـ لم تُعمر طويلا ,
حيث كانت أقلّ من شهر , لكنني عرفت من خلالها أمورا كنت أسمع عنها من آخرين.
عرفت الراحل سنة 2009 بعدما علمت بنيته الترشح للرئاسيات ,حيث ذهبت اليه في منزله بلكصر رفقة أفراد من المجموعة التي أنتمي اليها لإعلان دعمنا ومساندتنا له.
سلمت عليه , وعرّفته بنفسي , فوجدته يعرف عني وعن مجموعتي أكثر مما توقعت , كان طوال اللقاء مبتسما , غاضا بصره , مستمعا جيدا , متحدثا لبِقا , رحب بي وببقية المجموعة وكلفني بمهمة أسندها إليّ تدخل في إطار الحملة الانتخابية الرسمية التي بقيّ على انطلاقتها أيام معدودات.
خلال هذه الفترة الوجيزة التي كانت لقاءاتي المباشرة به قليلة , عرفت الكثير عن شهامة الرجل ومروءته وكرمه , وصرامته أيضا حين يتطلب الامر الصرامة.
وسأذكر هنا حادثة واحدة كنت شاهدا عليها تتعلق ببعض خصاله الحميدة التي لمستها ورأيتها بنفسي أو حدثني عنها الآخرون طوال فترة الحملة الانتخابية , فقد كنا ذات يوم في المقر الرئيسي للحملة قرب "كرفور بانه ابلان" , حيث كان يلتقي برؤساء الوفود والمؤيدين وغيرهم في مكتبه بمقر الحملة , وكانت أعداد الزائرين كبيرة , وقد خصصت لهم قاعة كبرى أمام مكتب الرئيس ليدخلو عليه تباعا.
وكان من بين المنتظرين في هذه القاعة رجل معروف , وأحد النافذين المشهورين , لكنه كان ثرثارا ووقحا ,فقد بدأ يوجه بعض الانتقادات الحادة ويكيل السباب والشتائم وبصوت مرتفع للرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي كان قد استقال من رئاسة الدولة واعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية.
ويبدو ان صوت الرجل وصل الى مسامع المرحوم اعل ولد محمد فال , حيث خرج من مكتبه غاضبا , وقال بالحرف الواحد , مخاطبا حراسه : "وخظو عني ذ آمنادم ولا اتلَ يدخل هون" دون أن يلتفت الى الرجل نفسه , ثم عاد الى ضيوفه.
كانت في نظري شهامة ما بعدها شهامة ومروءة واخلاق نادرة , فربما لو قيل نفس الكلام أمام رجل غير اعل وفي نفس الظروف لكافأَ صاحبه وقربه واعتبره من المخلصين.
هذه حادثة واحدة ,لكن الذاكرة تحتفظ بكثير من المواقف الخالدة والنبيلة لهذا الرجل النادر.