من خلال الأحداث المتتالية في العاصمة نواكشوط خاصة الأخيرة المتعلقة بأزمة سيارات الأجرة التي أثارها القانون و النظام الجديد للنقل ، لابد للمواطن سواء كان مواليا أو معارضا للنظام أو حياديا أن يحتار في ما يحدث من أشياء في هذه الفترة ليست في صالح النظام بل و استقرار البلد بسبب بعض سياسات القطاعات العمومية في أمور تتعلق مباشرة بمعاش المواطنين و حياتهم اليومية و خاصة الطبقات الفقيرة الكادحة و المتوسطة التي تمثل نسبة 90 في المائة من الشعب الموريتاني ، مما يجعل المرء يتساءل هل النظام يعادي نفسه؟ هل هناك معارضون داخل صفوف النظام؟ هل هناك من يريد زعزعة الأمن و الاستقرار؟ أم هل كل ذلك من عدم توفيق الحكومة فقط في سياساتها؟ أم هل هو سوء حظ و نحس بعض المسئولين عن تسيير الشأن العام ؟ .
فمهما كان الجواب فانه من الأكيد حسب المتتبع للأوضاع أن هناك أمور غير طبيعية تحدث في الوقت الحالي لا نعرف أسبابها و لا أهدافها و لا مآلاتها، المهم أن المواطنين البسطاء و المسالمين الذين يريدون العيش بسلام و عافية و الغيورين على مصلحة الوطن و خاصة أولائك الذين دعموا رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز الذي وقف بجانبهم في أزمنة سابقة واجهوا فيها ظلم و استبداد أنظمة كانت لا تبالي لهمومهم و معاناتهم أي اعتبار مما كان السبب في أن يعلقوا آمالهم في سياسته و تسييره لشؤون البلد ، فهاهم هؤلاء المواطنون يجدون أنفسهم أمام وضعية يخافون أن تضع حدا لآمالهم في رئيس الجمهورية و ترجعهم لسياسات الأنظمة السابقة والتي بالطبع لن يقبلوا بها مجددا لأنهم أصبحوا يتمتعون بالوعي السياسي الذي يمكنهم من الوقوف في وجه كل ما من شأنه يسبب لهم المعاناة أو يعقد ظروف معاشهم في وطنهم الذي يزخر بالثروات و الخيرات والتي إن لم يستفيدوا منها بشكل مباشر فعليهم أن يستفيدوا منها بشكل غير مباشر عن طريق تسهيل و تيسير كل ما يتعلق بظروف عملهم و تحصيل قوتهم الذي يضمن لهم العيش بسلام و عافية و يكفيهم ذلك بالرغم من طموحاتهم الأخرى .
و بوصفنا أفرادا من هؤلاء الذين نتحدث عنهم و أصحاب رأي و نصيحة نتوجه الى رئيس الجمهورية و كل من له مسؤولية أو رأي في تسيير الشأن العام لنقول لهم انتبهوا لما يحدث من أمور ليست في صالحنا جميعا سواء كانت منكم أو من غيركم و التي من شأنها أن تعكر حياة المواطنين و تؤثر سلبا على سياسة و توجهات رئيس الجمهورية و تمس من استقرار البلد، الشيء الذي يتطلب من السلطة ممثلتا في السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز و حكومته المبادرة من جهة في مراجعة بعض السياسات أو التوجهات أو القرارات التي تسببت في تعقيد حياة المواطنين و أدت إلى الإضرابات و التظاهرات و الاحتجاجات ، و من جهة أخرى مواجهة تنامي عمليات الجريمة و السرقة التي تزايدت في الآونة الأخيرة و بأشكال متطورة لم نعرفها من قبل مثل حادثة البنوك .
إن قضية قوانين تنظيم النقل الأخيرة التي أدت إلى إضراب الناقلين و احتجاجات المواطنين تعتبر مسألة حساسة جدا لأنها تتعلق بالتنقل الذي هو أساس الحياة بوصفه باب الرزق كما يقال تحرك ترزق، ولهذا فان ارتفاع أسعار النقل و تعقيد حركة سيارات النقل هي أمور تؤرق المواطنين الذين تعاني أكثريتهم من الفقر و البقية الأخرى من قلة الدخل لكون الفقراء هم من سيتنقلون لطلب الرزق وهم لا يقدرون على دفع 200 أوقية يوميا فبالأحرى 800 أوقية و أما محدودي الدخل فهم أصحاب النقل الذين يعتمدون عليه في معاشهم و معاش ذويهم فهم يخفضون تسعيرة النقل لكي يحصلوا على زبائن وبالتالي يستمر عملهم وتواصل الحياة دورتها بالنسبة للجميع فإذا أرهقتهم الدولة بالضرائب المجحفة فإنهم سيتوقفون عن العمل و بالتالي تتوقف دورة الحياة التي لا نتحكم في انعكاساتها علينا و على الوطن و التي من بينها لا قدر الله الفوضى و الإجرام و السرقة وبالتالي تهديد الأمن الاجتماعي و الاستقرار .
و نرجوا من الله العلي القدير أن يوفق دولتنا في حل جميع مشاكل مواطنيها و يحفظ بلادنا و بلاد المسلمين جميعا آمين
د/ محمد محمود ولد أعلي