تعتبر الجمهورية الإسلامية الموريتانية إحدى الدول العربية الحديثة النشأة ومرت بمراحل تاريخية دقيقة من أيام الاستعمار وإكراهاته إلى تحديات إن شاء الدولة مع انعدام كافة المقومات الضرورية لذالك سوى الإرادة القوية التي كان يتحل بها الأبناءالمؤسسون لهذا الوطن الغالي علينا جمعا ؛كانت الصعاب كبيرة لكن في المقابل كانوا الأوفياء لهذا الوطن على قدر المسؤولية. توالت الأجيال وتنوعت الحقب مع تنوع التحديات والظروف المختلفة ولم يخلوا الوطن من أوفياء له يسهرون على أمنه وديمومته مع وجود "خونة ومتخاذلين" بالتأكيد لكن كما يقال "القافلة تسير والكلاب تنبح".
منذ 2003 بدأت هزات قوية من القاعدة كان أولها محاولة الإنقلاب الفاشلة وكانت في ظاهرها نتيجة لبعض المظالم "المسقرة" لنظام طال حكمه وشاخت أفعاله أما في خلفيتها كانت هزة ارتدادية مركزها في وسط العالم العربي ومن حسن حظ هذه البلاد الطيبة الطاهرة كانت تلك الهزة بمثابة إنذار للأوفاياء لهذا الوطن بضرورة تصويب الأمور وتقييمها بما يتماشى مع المصالح العليا للبلد لذى حدث تغيير 2005 ؛ ووضعت منظومة وطنية من القوانين والإجراءات المتطابقة مع أعرق الديمقراطيات الغربية للجمهم وتحقيق الاستقرار العام و انتخب أول رئيس موريتاني بشكل نزيه وشفاف عن طريق الاقتراع المباشر من الشعب وبدأت مسيرة التنمية ولم تنام أعين الأوفياء الوطنيين عن مراقبة الوضع وتقلباته حتى تبين وبشكل جلي أن النظام السياسي للبلد يشهد تجاذبات قوية والمستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي للبلد لا يحملها بالمرة ويمكن لا قدر الله أن تذهب بنا إلى الهاوية ونخسر مابنينا بشق الأنفس.
كان الحل مر وهو إزاحة الريئس المنتخب ونقسم الشارع حول المضوع وفي النهاية توصل الجميع لحل توافقي برعاية دولية في داكار و بدأت مسيرة تنموية جديدة حافلة بالعمل الجاد وبالتأكيد لن تخلو من الأخطاء والانتقادات كأي عمل بشري لكن حسب ما بدى للناخب الموريتاني أنه هنالك خطاب جديد متمرد على الواقع ويريد تغييره مهما كلف ذالك من ثمن رغم أنه واقع صعب وله مسبباته التارخية.
سيقول البعض بأن هذه انقلابات أو تمردات فردية أدت إلى خراب موريتانيا! لكن في الواقع كل ذالك كان هو أحسن المخارج رغم ما ينطوي عليه من سوء في الإدارة وغيرها . لأنه لا يمكن قياس وضعنا على غيرنا بدون تكييف .
من 2008 بدأ شبه فريق من الأوفياء للوطن بمحاولة بناء ما تأخر بناؤه من أسس ضرورية لمفهوم الدولة الحديثة.
بالإضافة إلى تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية وتعزيز البنية التحتية بالطرق والمنشآت الكبرى كمحطات الطاقة والمياه وغيرها ؛ كل ذلك سترافقه بالتاكيد أخطاء تتفاوت في الحجم لكن الأهم هو السير الى الأمام وعدم التوقف رغم كل الصعاب وتوفير بيئة تسمح بذالك ؛ ونحن لسنا في كوكب لوحدنى نتأثر بالتغيرات الدولية والإقليمية سلبا وإجابا مع أنه في هذه الفترة كل التغيرات في عالمنا العربي سلبية ومدمرة للأسف ويجب أن يكون نصب عينين كل واحد منى أهمية الأمن والأمان والبعد عن كل ما من شأنه اثارت الفتن لأنه كل مادون ذالك يمكن اصلاحه ولو بعد حين أما الفتن تدمر كل شئ حتى الاحلام.
وعند ما نقول الأوفياء للوطن لا نخون الآخرين بقدر ما نشير إلى من أتيحت لهم فرصة إدارة هذا البلد في فترة معينة لأني أنا أرى شخصيا أنه من شبه المستحيل أن يتقدم شخص للقيادة ويجد من يثق به من بني جلدته ويكون هدفه غير نبيل لكن يمكن أن يخطأ في الآليات المستخدمة لتحقيق ذالك الهدف وبالتالي يظهر لنا نحن ذالك الفشل الذي يحق لنا تقييمه؛ كما أرى أنه من أحسن ما جاء به هذى النظام فتح الحريات الإعلامية السمعية والبصرية لتتمكن من إنارة الرأي العام بما يجري في البلد من اصلاحات واخفاقات.
تمر بلادنا في هذه الفترة بمرحلة مفصلية من تاريخها الحديث سيكون لها ما بعدها وهي اقتراح النظام الحاكم وبعض محاوريه لتعديلات دستورية تمس جوهر الدستور من رموز وطنية و قواعد مرجعية لطبيعة الحكم في البلد ويرى في ذلك إصلاح ضروري تقتضيه المرحلة والمصلحة العليا للبلد بينما يرى خصومه السياسيين عكس ذالك ويرجعون ذالك الرفض الى عدم التوافق السياسي الجامع (أغلبية ومعارضة ) الذي هو ليس شرط ملزم في النظام الديمقراطي .
هذى المشهد بالذات وخاصة بعد تعطيل الخيار الأول وهو التمرير عن طريق البرلمان - الذي كان أقل تكلفة وأنسب للحالة الإجتماعية والاقتصادية - والجوء إلى استفتاء شعبي عام يحتم على كل مواطن تحمل المسؤولية أتجاه هذى الوطن وانا أرى أن ذالك لايمكن أن يتحقق إلا بتمرير هذه التعديلات الدستورية وسيشهد التاريخ على ذالك لمن يريد أن يضع بصمة له في تاريخ هذه الامة ويدفع بها عن عالم النزاعات والفتن الى عالم الاستقرار والأمن الذي يسمح بالبناء والتطوير والرفاه الاجتماعي و الاقتصادي المنشود.