من المقرر ان يصوت الأتراك في الـ 16 من شهر نيسان / أبريل الحالي على مسودة
دستور جديد من شأنه تعزيز السلطات التي يتمتع بها الرئيس رجب طيب اردوغان. مراسل بي بي سي مارك لايون يفسر الأسباب التي حدت بمعارضي مسودة الدستور الجديد الى معارضته على طول الخط.
ففي احدى الحوادث، قال نائب موال للحكومة إن احد المعارضين عضه في ساقه، وفي حادثة أخرى رمى احدهم أصيصة في البرلمان كما سرق ميكروفونا واستخدمه كسلاح. وقامت نائبة مستقلة بتقييد نفسها الى منصة الخطابة مما اثار شجارا بين النواب. خلاصة القول إن النقاش البرلماني حول تغيير دستور تركيا لم يكن بالأمر السلس على الإطلاق.
ظاهريا على الأقل، يبدو المشروع قابلا لأن يحظى بتأييد جميع الأحزاب، فهو يهدف الى تحديث الدستور الذي سن بمباركة الجيش عقب انقلاب عام 1980 الذي قاده كنعان أيفرين.
ولكنه اثبت أنه أكثر التغييرات السياسية اثارة للجدل منذ عقود، وتحول الى استفتاء على الرئيس اردوغان ذاته.
ومن شأن المشروع تحويل تركيا من النظام البرلماني الى النظام الجمهوري الذي يتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة (أي أشبه بالنظامين الأمريكي والفرنسي).
ومن التغييرات المقترحة في مسودة الدستور الجديد:
- الغاء منصب رئيس الوزراء، واستحداث منصبين أو ثلاثة لنواب الرئيس.
- رئيس الجمهورية سيصبح رئيس السلطة التنفيذية اضافة الى صلاحياته كرئيس للدولة كما سيحتفظ بارتباطاته بحزبه السياسي.
- ستصبح لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة منها تعيين الوزراء واعداد الميزانية واختيار كبار القضاة وسن قوانين معينة بمراسيم رئاسية.
- سيحرم البرلمان من حقه في استجواب الوزراء او المطالبة بتحقيقات في ادائهم، ولكن سيحتفظ بحقه في بدء اجراءات تنحية الرئيس أو التحقيق معه بموجب تصويت اغلبية النواب. وستتطلب احالة الرئيس الى القضاء موافقة ثلثي النواب.
- زيادة عدد نواب البرلمان من 550 الى 600.
- تجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية في نفس التاريخ كل 5 سنوات، وتحدد ولاية الرئيس بفترتين.
تحاجج الحكومة التركية، والرئيس اردوغان على وجه الخصوص، بأن هذه الاصلاحات ستسهل عملية صنع القرار وتجنب البلاد شرور الائتلافات البرلمانية التي قيدت تقدمها في الماضي.
ويقول مؤيدو المشروع إنه بما أن الرئيس لن ينتخب من قبل البرلمان بل مباشرة من قبل الشعب، لن يتعين عليه أن يتنافس مع زعيم منتخب آخر، وهو رئيس الوزراء، من اجل سن القوانين كما هو معمول به في النظام الحالي.
ويقول هؤلاء إن النظام المعمول به حاليا يعرقل تقدم تركيا، ويذهبون الى ابعد من ذلك إذ يدعون أن التغيير المنشود قد ينهي بطريقة ما الهجمات التي تعرضت لها البلاد والتي أودت بحياة نحو 500 شخص في الأشهر الـ 18 الأخيرة.
ولكن المنتقدين يردون على هذه الحجج بالقول إن النظام الرئاسي نظام جيد اذا طبق في بلد تعمل فيه ادوات فعالة للرقابة والتحقق كالولايات المتحدة، حيث برهن القضاء المستقل على استعداده للوقوف بوجه دونالد ترامب واثبتت الصحافة الحرة قدرتها على محاسبته حول سياساته المثيرة للجدل.
ولكن في تركيا، التي شهدت تدهورا في استقلالية القضاء والتي تقبع الآن في المرتبة 151 من 180 بلدا في سلم حرية الصحافة حسب منظمة مراسلون بلا حدود، يقول المنتقدون إن تمرير الدستور الجديد سيقضي على الديمقراطية.
يلوم معارضو اردوغان توجهاته التسلطية، ويقولون إنه يرأس بلدا يسجن الصحفيين اكثر من أي بلد آخر، وبلدا اعتقل او فصل فيه أكثر من 140 الف شخص منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في تموز / يوليو الماضي. ويقول حزب الشعب الجمهوري المعارض إن منح أردوغان سلطات مطلقة سيكون من شأنه "ترسيخ الديكتاتورية".
يقول احمد قاسم خان استاذ العلوم السياسية في جامعة قادر خاص إن "الأمر لم يحسم بعد، ولكنه لا يبدو بالسوء كما تحاول المعارضة تصويره، كما ليس بالجودة التي تحاول الحكومة تصويرها. إن نقطة الضعف الحقيقية تكمن في السرعة التي تحاول الحكومة تمرير المشروع بها، فلم تفصح الحكومة صراحة بأنه ينبغي تعديل الفين من القوانين، ولذا فالأمر لايبشر بالخير خصوصا مع سجل هذه الحكومة بالذات".