من غريب الصدف أنه في اليوم الذي تنعقد فيه القمة العربية في البحر الميت تصدر نشرة عن برنامج الغذاء العالمي عن أكثر الدول إهدارا للطعام والتي جاءت في مقدمتها دول الخليج العربي
وهذه مفارقة غريبة لما يعيشه اطفال سوريا والعراق والسودان والصومال من الجوع بسبب ويلات الحرب في حين أن الأسر الخليجية تتصدر الأسر العالمية من حيث الهدر والإسراف فتتفوق على اسر النرويج وابريطانيا وأمريكا العريقة في مجال المال والأعمال واصحاب المصانع العملاقة للسيارات والطائرات والبترول والماركات العالمية مثل زارا ولاكوست وجيفنشي وديور آرماني وكوتشي وشانيل وبيما نايك وكالفين كلاين وآديداس ،
فهذا يعطي نظرة او لمحة بسيطة عن مستوى النخفض للوعي الإقتصادي وآستيعاب خاطئ لمفاهيم الرفاه والتكافل الإجتماعي والتضامن الإقتصادي ونظرة كذالك عن مستوى التباين في الواقع العربي من حيث القدرة على الإنفاق والرفاه طبعا "الريعي" والذي دائما ما يكون موجها للإنفاق بأوجهه المختلفة دون أن يتمكن القائمون على الشأن العام العربي من توجيه هذا الريع نحو إستثمارات داخلية في الوطن العربي تراعي حاجيات وإمكانات الدول المستقبلة وأكثر ما يتم تصديره بينيا وتبادله هو السياحة وتتوجه أساسا إلى لبنان والمغرب وتونس في حين أن بعض الدول العربية الأخرى تعارض السياحة العربية البينية لكونها تنطوي على سلبيات وتداعيات إجتماعية
وكان من بين بنود هذه القمة الأمن الإقتصادي والتكامل الإقتصادي العربي
فالأمن الإقتصادي يعني حماية المصالح الاقتصادية للدولة ، وتوفير سُبل التقدم والرفاهية للمواطن ، وقدرته على امتلاك الوسائل المادية التي تمكنه من أن يحيا حياة مستقرة وهذا بناءا على المثال السابق يتميز في العالم العربي بنوع من الهشاشة نظرا لريعية الموارد التي تعتمد في معظمها على صادرات المواد الأولية الخام فالأسواق العالمية هنا هي المتحكمة في تحديد مستواه إضافة لعرضية الدخول وإنفاقها وهو ما ينعكس بالطبع على الإستقرار المادي للأسر عوضا عن عدم قدرة الدول العربية على مجاراة النسق العالمي للإنفاق وتقييده كي يخدم البنيات الداخلية للدول العربية داخليا وإقليميا
أما عن التكامل الإقتصادي العربي والذي يعني تلبية حاجيات الدول في الإستيراد من الدول الشقيقة والذي أنشأت من أجله الكثير من الهيئات الإقتصادية العربية ومنها صندوق النقد العربي والذي أصدر مؤخرا تقريرا أفاد فيه بأن التبادل الإقتصادي العربي لا يتجاوز 10 في المئة من مجموع مبادلات هذه الدول مما يعني أن التكامل ما زال هدفا بعيد المنال رغم كل الجهود المبذولة في هذا الصدد
ورغم رتابة التجارة البينية والعمل العربي المشترك لا تخلوا هذه العلاقات من بعض الشعل المضيئة التي تمثل أملا لنجاحات قادمة في هذا الصدد ومنها على وجه الخصوص مستوى التكامل الإقتصادي المرتفع بين دول مجلس التعاون الخليجي إضافة لقدرة دول المغرب العربي على إطلاق البنك المغاربي للإستثمار والتجارة الخارجية والذي تم تفعيله بعد أن لبث سنين على الورق منذو 1991 وهو ما سبمكن الشعوب المغاربية من تجاوز الأزمات السياسية والتي تسببها مشكلة الصحراء الغربية أساسا بين المغرب وموريتانيا والجزائر بناءا على مصالح الشعوب وترابطها التجاري والصناعي عوضا عن الترابط المجتمعي
منطقة المرفقات