عندما أنقذ المسعفون، خليل رفاتي، البالغ من العمر 33 عاما، من الموت باستعمال
جهاز تحفيز القلب، كانت تلك المرة التاسعة، التي يتعاطى فيها جرعة زائدة من الهيروين.
ويبلغ خليل اليوم 46 عاما، وهو مليونير، وصاحب واحدة من أشهر شركات العصائر في الولايات المتحدة.
كان يعيش متشردا في شوارع لوس أنجليس، هاربا من أوهايو، التي تعرض فيها إلى سنوات من الاعتداء الجنسي.
ولد خليل رفاتي في أوهايو لأم يهودية من بولندا وأب فلسطيني مسلم، وعاش طفولة مضطربة جعلته يترك المدرسة دون أي شهادة، وانخرط في السرقة والنهب والتخريب.
وحقق نجاحا سريعا في مجال صيانة السيارات، وكان من زبائنه عدد من المشاهير وأثرياء لوس أنجليس، ولكنه كان في الخفاء يتاجر بالمخدرات منها الإكستازي والهيروين.
ولم يسلم تاجر المخدرات من الإدمان على الهيروين والكوكايين، فأخذ يفقد الوزن، وأصيب بعدد من الأمراض منها قرحة الجلد.
ويقول إنه "لا يحصي عدد المرات التي اعتقل فيها بسبب حيازة المخدرات والمتاجرة بها"، واضطربت حياته وانقلبت ظهرا على عقب، وأصبح لا يستطيع النوم من فرط الألم في كامل جسمه، بسبب الإدمان.
وحاول خليل التوقف عن تناول المخدرات أكثر من مرة وبدء حياة صحية، دون جدوى. لكن المرة التاسعة كانت إنذار خطر هز كيانه كله، وجعلته يقرر التخلي عن حياة الإدمان نهائيا، فدخل مركزا لتأهيل المدمنين وقضى فيه أربعة أشهر، فأصبح جسمه منذ ذلك اليوم خاليا من المخدرات.
الحياة بعيدا عن المخدرات أوحت لخليل بالبحث عن النجاح في الأغذية الصحية، وهي التي جعلته اليوم مليونيرا ومالكا لشركة "صن لايف" الشهيرة في كاليفورنيا.
"انتهت حياتي"
فقد ابتكر عصيرا وهو لا يزال في فترة إعادة التأهيل، وقال إنه صمم من أجل منح القوة للمرضى ومساعدتهم على تجاوز فترة الإدمان الصعبة خاصة إذا كانوا يعاونون من تأثير أخطر أنواع المخدرات وأكثرها فتكا بصحة الإنسان.
وقال خليل لصحيفة نيويورك تايمز عن تجربته مع الإدمان: "وصلت إلى القاع فلم يعد بوسعي الحفر أكثر، وتكسرت أدواتي كلها، انتهت حياتي".
حققت شركة خليل للعصائر والقهوة نجاحا كبيرا في ظرف قياسي، وبلغت مبيعاتها السنوية أكثر من 6 ملايين دولار في 6 محال تجارية، و فتحت فرعا للألبسة، وتستعد حاليا للبيع على الانترنت في 16 ولاية أمريكية أخرى وفي اليابان.
ومن النوم في شوارع لوس أنجليس متشردا، أصبح خليل يسافر في طائرات خاصة، ويعيش حياة شبيهة بأفلام هوليود.
وعندما بلغ 21 عاما سافر إلى لوس أنجليس، أملا في أن يصبح نجما سينمائيا، وإذا كان لم يحقق حلمه السينمائي فإنه نجح في الاقتراب من نجوم هوليود عندما كان لفترة قصيرة يعتني بسيارات المشاهير والأثرياء، بمن فيهم أليزابيث تيلور، وجيف بريجيز.
وسرعان ما وقع في فخ الإدمان فعاد إلى حياة التشرد وتجارة المخدرات، لكن المرة التاسعة التي نجا فيها من الموت بسبب جرعة زائدة من الهيروين كانت الصدمة التي نقلته إلى عالم الصحة والثراء والرفاهية.
وقبل أن يؤسس شركة العصائر الصحية التي ابتكرها، كان خليل يكسب قوته من أعمال رعاية الكلاب وتنظيف الحدائق، وسمحت له هذه الأعمال بجمع قدر من المال، ساعده في إطلاق منتوجه الخاص ودخول عالم التجارة.
وفي 2007، استأجر خليل بيتا وفتح مركزا لتأهيل المدمنين، يدخله المرضى مقابل 10 آلاف دولار للشهر، وكان يصنع لهم عصائره المبتكرة، التي اشتهرت بعد ذلك وأصبحت مطلوبة في الأسواق.
وأسس شركة "صن لايف" عام 2001 مع صديقته التي تنتج وتبيع العصائر الصحية، في ماليبو، فحقق نجاحا سريعا بمبيعات وصلت مليون دولار في السنة الأولى.
ويوظف خليل في شركته اليوم أكثر من 200 شخص في 6 متاجر.
ويقول روب نازارا، المحلل في دويتش بنك، إن قصة نجاح خليل تنم عن قوة شخصيته، "فالشخص بغض النظر عن مستواه التعليمي وتجربته المهنية، يمكنه أن يحقق نجاحا إذا كان حازما وطموحا".