هذه قصة حقيقية يرويها الشخص الذي حدثت معه , لكنه يرويها وهو يرتجف من الخوف , حيث يقول :
جرت العادة في قريتنا النائية أن نقوم بزيارة سنوية إلى المقابر وقضاء أسبوع كامل هناك , نزور ونتبرَّكُ من الصالحين والاولياء ، وتبعد المقابر عن القرية بعشرات الكيلومترات ، قابعة في حضن أحد الجبال الشاهقة ، وكانت بسبب كثرتها متلاصقة بعضها ببعض لتظهر من بعيد وكأنها قرية مهجورة محاطة بالغموض والاثارة.
وفي زيارتي الاخيرة مع عائلتي إلى المقابر , كما هي عادتنا كل عام , تذكر والدي ـ رحمه الله ـ أشقاءه الذين خطفهم الموت مبكراً ، فجلس بجوار قبورهم يبكي ، وخلال بكائه مرَّ بنا رجل نعرفه جميعا وهو من قرية مجاورة ويسمى إبراهيم ، فسمع صوت بكاء والدي فاقترب منه وبدأ يربتُ على كتفيه ويقول : لا تبكِ وتنْتحِب كثيراً هكذا يا أخي , فالبكاء لن يفيدك بشيء مثلما قال "عفريت المواساة" .
عفريت المؤاساة؟؟ !!
يا لها من عبارة غامضة مخيفة ، لها رنين غريب على قلبي وأذني ، فنظرت إلى الأخ ابراهيم في دهشة , ويبدو أنه فهِم على الفور ما يدور في ذهني من أسئلة , فبدأ يجيبني قبل أن أطرح عليه أي سؤال فقال :
” أنتم تعلمون أنه كان لديَّ ابنٌ مات وهو في ريعان شبابه، وقد ظللتُ لسنوات طويلة آتي إلى هنا وحيداً فأبكي على قبره ، وذات مرة تُوفيَّ أحد الاقارب وذهبتُ مع أصدقائه وأسرته من أجل تجهيزه ودفنه ، وكعادتي تركتُ الجميع لما وصلنا الى المقبرة وذهبتُ بعيداً متجهاً نحو قبر ابني، على الرغم من عتمة الليل الموحشة ,ورائحة الموتى المنتشرة , ورهبة المكان المخيف , وشدة الظلام ، وعندما وصلتُ إلى القبر ألقيتُ بكل جسدي فوق قبر ابني وأخذتُ أبكي وأنوح ” .
هنا تغيّرَ لون الاخ ابراهيم واصفرَّ وجهه وبدا شاحبا ثم أضاف :
” في هذه اللحظة سمعتُ صوتاً بالقرب مني ,أسمعه ولا أراه يقول : ” مرت سنوات عديدة وأنت تأتي إلى هنا وتبكي على ابنك ، يكفي بكاءً فإنه لن يفيد بشيء “ ، ثم شعرت بهذا الشخص يقترب مني شيئا فشيئا وأنا لازلت غارقاً في دموعي وقال : هيا , ناولني يدك لأساعدك على النهوض ، ظننت أنه أحد عائلة الشخص المتوفي قد تبعني حين استبطأني القوم ، لكن عندما وضعتُ يدي عليه
لمتابعة ما تبقى من القصة اضغط هــــــــــــنا