
كشفت دراسة بريطانية حديثة عن إمكانية توظيف التقنية المستخدمة في لقاحات «كوفيد-19» لخفض معدلات الإعاقة الدائمة التي يعاني منها آلاف ضحايا لدغات الثعابين سنوياً حول العالم، وفقاً لمجلة «نيوزويك».
فقد توصَّل فريق بحثي من جامعة «ريدينغ» البريطانية إلى أن تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) التي برزت خلال جائحة «كورونا»، قد تشكِّل أساساً لنهج علاجي جديد يمنع تلف العضلات الناتج عن السموم، ويحدُّ من المضاعفات التي تستمر لدى المصابين حتى بعد تلقي العلاج التقليدي.
وتستهدف التجارب الأولية سمَّ أفعى «التيرسيوبيلو» (Bothrops asper) المنتشرة في أميركا الوسطى والجنوبية، وهي من أكثر الأنواع تسبباً في الإصابات الخطرة.
ويأمل الباحثون أن يمهِّد هذا العمل لتطوير منصة علاجية واسعة النطاق، قادرة على التعامل مع مكوِّنات سامة متعددة في أنواع مختلفة من الثعابين.
حماية «واسعة وفعَّالة»
وقال ساكثي فيابوري، أستاذ علم الأدوية القلبية والسموم في الجامعة، لمجلة «نيوزويك»، إن الفريق صمم جزيئات «mRNA» لتحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة تستهدف مادة سامة محددة في سم الأفعى، موضحاً أن هذه الجزيئات جرى تغليفها بـ«جسيمات دهنية نانوية» لتسهيل دخولها إلى الخلايا.
وأضاف: «عند اختبارها في خلايا مزروعة مخبرياً، أنتجت الخلايا الأجسام المضادة المطلوبة التي وفَّرت حماية ملموسة من السم». وتابع: «وعندما حُقنت في الفئران قبل يومين من تعريضها للمادة السامة، أظهرت نتائج قوية في منع التلف العضلي، ما يفتح الباب لتطوير علاج قادر على حماية البشر مستقبلاً».
ورغم فاعلية مضادات السموم التقليدية في مواجهة السم الذي ينتشر عبر الدم، فإن الباحثين يشيرون إلى محدودية قدرتها على الوصول إلى أنسجة العضلات المتضررة في موقع اللدغة، وهي المشكلة التي قد ينجح العلاج الجديد في تجاوزها.
كما لفت فيابوري إلى أن الأجسام المضادة الناتجة قد ترتبط أيضاً بسموم مشابهة لدى أنواع أخرى من الأفاعي، مؤكداً وجود خطة لتطوير «خليط» من جزيئات «mRNA» يوفّر حماية أشمل ضد سموم متعددة.
آفاق علاجية أبعد من سموم الثعابين
في السياق نفسه، قال أندرياس لاوستسن، أستاذ التكنولوجيا الحيوية والطب الحيوي في جامعة الدنمارك التقنية، إن التقنية قد تكون مفيدة كذلك في حالات أخرى تُحدث فيها السموم أضراراً تراكمية، مثل بعض أنواع العدوى البكتيرية.
وأظهرت التجارب على خلايا عضلية بشرية أن العلاج حدَّ من تأثير السموم المفردة، وكذلك السم الكامل، خلال فترة تراوحت بين 12 و24 ساعة من حقن الـ«mRNA» كما كشفت الاختبارات على الفئران عن قدرة جرعة واحدة من العلاج على توفير حماية للأنسجة العضلية لمدة تصل إلى 48 ساعة قبل التعرض للسم، وخفَّضت مستويات المؤشرات الحيوية لتلف العضلات، مثل إنزيمَي «الكرياتين كيناز» و«اللاكتات ديهيدروجيناز».
تحديات قائمة
ورغم النتائج الواعدة، يرى الباحثون أن الطريق ما زال طويلاً؛ إذ يتطلب تكوُّن الأجسام المضادة ساعات عدة، فضلاً عن صعوبة تخزين العلاج في المناطق النائية التي تفتقر إلى سلاسل التبريد، إضافة إلى أن النسخة التجريبية الحالية تستهدف سماً واحداً فقط.
ومع ذلك، يؤكد فيابوري أن «الإمكانات المتوقَّعة لهذا النهج في تقليل الإعاقات الناتجة عن لدغات الثعابين هائلة»؛ مشيراً إلى أن التطور في تقنيات «mRNA» قد يشكِّل نقلة نوعية في علاج إحدى أكثر المشكلات الصحية إهمالاً في العالم.

.jpg)
.jpg)
.gif)



.jpg)
