كان لتحرير الفضاء السمعي البصري في موريتانيا وما أسفر عنه من ظهور مجموعة من الفاعلين الجدد في المشهد الإعلامي الوطني تأثير بارز فيما شهدته التلفزة الموريتانية من تحولات في الفترة الأخيرة
والتي بدأت بتغير الوضعية القانونية للمؤسسة مرورا بتغيير تسميتها وانتهاء بالإجراءات التي اتخذتها القناة تماشيا مع الروح التنافسية التي فرضتها الوضعية الجديدة، وفي هذا الإطار قامت إدارة المؤسسة بنشر إعلان اكتتاب عبر جميع وسائل الإعلام لتنظيم مسابقة خارجية في مجالي الإنتاج والتحرير لاختيار منتجين ومحررين باللغتين العربية والفرنسية وباللغات الوطنية بشكل مهني وشفاف ضمن ما أسمته إدارة المؤسسة حينها بسياسة ضخ دماء جديدة، وهي السياسة التي ما فتئت الإدارة الجديدة آنذاك توظفها كأبرز إنجاز حقتته معتمدة على مبدأ الشفافية والمهنية كما تدعي.
وبفعل اتساع دائرة البطالة ونتيجة لتداول إعلان الاكتتاب بشكل واسع استقطبت المسابقة مئات الشباب من حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل من ذوي الكفاءات النوعية والخبرات المتميزة، وقد شارك بالفعل ما يربو على ألف مشارك تم توزيعهم على مجموعة مراكز لإجراء الامتحان في مباني 3 مؤسسات حكومية هي المدرسة الوطنية للإدارة وكلية الطب وكلية العلوم والتقنيات، وقد تولت الإشراف على هذه المسابقة لجنة تضم لفيفا من أبرز الإعلاميين والخبراء والمهتمين بالشأن الإعلامي في البلد، ووفق تصريح اللجنة المنظمة فقد أريد للمسابقة أن تكون تكريسا وتأسيسا للمعيارية داخل الحقل الإعلامي من خلال الاهتمام بضرورة الولوج والنفاذ إلى وسائل الإعلام العمومية عبر مسابقات شفافة يتقدم لها كل أبناء الوطن.
وقد أسفرت المسابقة عن تأهل 50 مترشحا من الامتحان الكتابي تم اختيار 30 منهم بعد اجتياز الاختبار الشفهي، وكانت المجموعة الناجحة تطمح لبدء مسار مهني في هذا الصرح الإعلامي، غير أن هذا الطموح اصطدم بعقبات ناجمة عن تصرفات إدارة المؤسسة التي قدمت للمعنيين عقودا كانت أقرب إلى عقود إذعان منها إلى عقود عمل، ووعيا من الشباب المكتتبين بكون الأصل في علاقات العمل التعاقدية هو العقود غير محددة المدة CDI فإنهم لم يكترثوا بالوثائق المقدمة لهم من طرف إدارة المؤسسة للتوقيع عليها والتي تمثلت في عقود محددة المدة، وهي بالمناسبة عقود باطلة من الناحية القانونية نظرا لعدم التأشير عليها من طرف مفتش الشغل المختص.
وبعد أزيد من سنتين على دمج "l’intégration " عناصر المجموعة في المؤسسة تفاجأ بعضهم باستدعائه لاستلام إشعار بإنهاء ما تعتبره إدارة المؤسسة عقد عمل محدد المدة في موقف غريب ومخالف تماما لكل المقتضيات القانونية المعمول بها في البلد والتي تنص على ضرورة وجود أسباب حقيقية وجدية لفسخ العلاقة التعاقدية خاصة وأن المؤسسة قامت خلال الأسابيع الأخيرة باستقطاب العديد من الأوجه الإعلامية مما يؤكد عدم استغنائها عن العناصر السابقة.
وللتذكير فان النصوص التشريعية المعمول بها في البلد تنص علي أن عقد العمل المحددة المدة لا يمكن-بحال من الأحوال- أن يتجاوز سنتين وإلا أصبح تلقائيا عقد عمل غير محدد المدة.
وأمام هذه الوضعية المقلقة والتي تنم عن تغير مفاجئ ولا مسوغ له في تعاطي إدارة المؤسسة مع هذه الطاقات الشابة والنوعية والتي تعرف عليها الرأي العام عبر شاشة الموريتانية منذ ما يربو على سنتين فإن الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا تسجل ما يلي:
1- تضامنها الكامل واللامشروط مع عناصر هذه المجموعة، ودعمها القوي للنضال الذي تقوم به من خلال حملة وسم "هدر دماء جديدة" تلك الحملة التي ألهمت قطاعات عمالية واسعة في البلد.
2- تذكر بضرورة احترام نص وروح القانون الذي يفترض عدم اللجوء إلى عقود العمل المحددة إلا في حالة الأعمال الموسمية أو المؤقتة، وهو ما يتنافى مع المهام التي تضمنها إعلان الاكتتاب.
3- تدعو إدارة قناة الموريتانية إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل تسوية نهائية وقانونية لوضعية هذه المجموعة وبشكل فوري.
4- تحذر إدارة المؤسسة من مغبة التمادي في انتهاك النصوص القانونية المعمول بها في مجال الشغل أو الاستمرار في المحاولات اليائسة للالتفاف على حقوق هؤلاء العمال المترتبة لهم بناء على تشريعات العمل والاتفاقية الجماعية.
5- تطالب كافة عمال البلد بالتعبير عن تضامنهم ودعمهم لعمال قناة الموريتانية في نضالهم الشرعي لنيل حقوقهم المشروعة.
6- وبوصفها طرفا مدنيا تحتفظ الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا لنفسها بحق الملاحقة القضائية لإدارة قناة الموريتانية على خلفية الانتهاكات المتواصلة لحقوق ومصالح منتسبيها.
نواكشوط بتاريخ 19 سبتمبر 2016
اللجنة التنفيذية