انتقدت صحف جزائرية حاكم إمارة الشارقة، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي،
على تصريحات قال فيها إن الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول منح الجزائر استقلالها إرضاءً لجمال عبدالناصر حتى يكسب ود العرب.
وكان القاسمي يتحدث إلى رؤساء تحرير صحف ووسائل إعلام إماراتية في معرض لندن للكتاب ونشرته صحيفة "الخليج" الإماراتية.
في سياق الحديث عن الثقافة والحكمة في التفكير السياسي، قال القاسمي إن ديغول سأل وزير ثقافته : "كيف أستطيع أن أكسب ود العرب الذين تُمَجِد فيهم؟ فأجابه: بأن ترضي الزعيم العربي جمال عبد الناصر... فإذا كسبت الزعيم العربي جمال عبد الناصر فإنك ستكسب العالم العربي".
وعلق القاسمي على ذلك بالقول: "هنا نرى كيف تمكن الإنسان المثقف من تحقيق أهدافه بدون أن يحمل أسلحة ويطلق نيرانا، باستخدام الكلمة الصادقة والتوجه الصحيح"، بحسب جريدة الخليج.
"أيقونة للتحرر والانعتاق"
في جريدة الفجر، قالت مديرة النشر حدة حزام: "الأكيد أن الرجل لم يقرأ تاريخ الأمم. فعندما كان أبطال الجزائر يصنعون الملاحم، لم تكن هناك دولة اسمها الإمارات ولا إمارة اسمها الشارقة، ولست هنا لأستصغر شأن البلاد التي أنجزت في وقت قصير دولة بملامح عصرية".
وأضافت: "ديغول لم يعطنا الاستقلال إرضاء لعبد الناصر يا سيادة الحاكم، وحتى عبد الناصر نفسه لم يسمع بخبر تفجير الثورة إلا من خلال الإعلام الفرنسي".
ووصفت الكاتبة ثورة الجزائر بأنها كانت "أكبر ثورة في تاريخ الإنسانية الحديث" وأنها "لم تحرر الجزائر فحسب بل كانت سببا مباشرا في تحرير بلدان المغرب، وكانت مرجعية للثورات التحررية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وكل العالم".
وفي صحيفة الشروق، وصف رئيس التحرير المكلف، رشيد ولد بوسيافة، كلام حاكم الشارقة بأنه "في منتهى الخطورة".
وعلل ذلك بأنه "يلغي تضحيات الشعب الجزائري لأجل التحرر من الاستعمار على مدار 132 سنة، مارس خلالها الجزائريون كل أشكال المقاومة ضد الاستعمار بدءا بالثورات الشعبية إلى الحركة الإصلاحية التي أعادت ترميم الهوية الوطنية التي دمرها الاستعمار، إلى الثورة التحريرية التي تحوَّلت إلى أيقونة للتحرر والانعتاق من الاستعمار في النصف الثاني من القرن العشرين".
وتساءل بوسيافة: "لماذا يصدر هذا الكلام الخطير عن مسؤول عربي كبير؟ هل المشكل في عدم اطِّلاعه على تاريخ الجزائر وهو الذي يوصف بالمسؤول المثقف؟ أم إنّ المشكل فينا نحن العاجزين عن كتابة تاريخنا القريب قبل البعيد؟"
ويضيف متسائلا: "هل نلوم حاكم الشارقة لأنه يعتقد أن ديغول منحنا الاستقلال؟ أم نلوم أنفسنا لأننا حوَّلنا صفحاتٍ ناصعة من تاريخنا الكبير في مناهضة المحتلين والغزاة إلى صفحات مُملّة في الكتب المدرسية تجعل التلاميذ ينفرون من مادة التاريخ لأنها محشوَّة بالتواريخ والنصوص الجامدة التي يُطلب منهم حفظُها عن ظهر قلب؟".
ونشر موقع جريدة الخبر فيديو للقاسمي وهو يدلي بهذه التصريحات، وكتبت تقول إنه "نسي أو تناسى تضحيات الشعب الجزائري منذ دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 وقوافل الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الحرية، حيث لخص المسؤول الإماراتي استقلال الجزائر في علاقات شخصية بين ديغول وعبد الناصر".
وأضافت: "ما يزيد من خطورة هذه التصريحات أنها جاءت من مسؤول رسمي وحاكم واحدة من أكبر الإمارات في هذه الدولة الخليجية، كما أنها تصادفت مع احتفالات الشعب الجزائري بعيد النصر في 19 مارس".
بين العثماني وبنكيران
لا تزال الصحف وكتاب الأعمدة المغاربة يولون اهتماما بتكليف سعد الدين العثماني مهمة تشكيل الحكومة الجديدة خلفا لعبد الإله بنكيران الذي فشل في تشكيل الحكومة بعد أكثر من خمسة أشهر من المشاورات.
على موقع اليوم 24، قال سمير شوقي إن العثماني "لن يسلم حتما من مقارنته مع عبد الإله بنكيران".
وأضاف أن العثماني له شخصية مختلفة تماما عن سلفه، "لكنه سيخيب آمال من يعتقدون أنه حمل وديع قابل للتطويع".
وفي جريدة العلم، توقع عادل بن حمزة أن تتمخض الأيام القادمة عن أحد احتمالين بشأن تشكيل الحكومة: الأول "أن تقبل باقي الأطراف التخلي عن الاتحاد الاشتراكي، فيتم استئناف المشاورات على مستوى الحقائب و القطاعات الوزارية".
وأضاف أنه "إذا تشبثت باقي الأطراف بالاتحاد الاشتراكي، فستنتهي القصة برمتها، وتفتح البلاد على مصراعيها 'لحلول̔ أخرى قد لا تكون سوى عناوين فرعية لأزمة ممتدة".
الاحتمال الآخر "أن ينطلق السيد العثماني من الصفر، و يعيد النقاش إلى نقطة البداية، وربما تكون أطراف سياسية أخرى معنية بالمشاركة في الحكومة بعيدا عن الرباعي الذي كان وجها من وجوه الأزمة التي امتدت لأزيد من خمسة أشهر".