انتقدت صحف عربية السياسة التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
تجاه أوروبا على خلفية الأزمة الأخيرة بين تركيا وعدة دول أوروبية.
وينتاب الغضب الحكومة التركية بعدما قررت ألمانيا وهولندا بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى منع المسؤولين الأتراك من إقامة تجمعات سياسية في هذه الدول.
وتريد الحكومة التركية الفوز استمالة الناخبين من رعاياها المقيمين في أوروبا قبل استفتاء من شأنه توسيع صلاحيات الرئيس أردوغان.
وانتقد أردوغان الحكومتين الهولندية والألمانية واصفا إياهما بالنازية، كما اتهم هولندا بالضلوع في المجزرة التي راح ضحيتها الآلاف من مسلمي البوسنة على يد القوات الصربية في عام 1995.
وبالمقابل، انتقد مسؤولون بالاتحاد الأوروبي هذه التصريحات، بوصفها "منفصلة عن الواقع" و"لا تتلاءم مع طموحات أنقرة للانضمام" إلى الاتحاد.
"صب الزيت على النار"
رأى حسان حيدر في جريدة الحياة اللندنية أن أردوغان "عندما يهاجم بنزق قرار هولندا منع وزرائه من مخاطبة تجمعات للمقيمين الأتراك تهدف إلى دعمه، إنما يصب الزيت على النار التي أشعلها حـــزب 'الحرية' الهولندي المعادي للأجانب عموماً، والمسلمين خصوصاً".
وأشار حيدر إلى أنه "من الواضح أنه كلما تحسنت الروابط بين روسيا وتركيا، كلما ساءت علاقة أنقرة بالدول الأوروبية، بعدما كانت تطمح يوماً إلى أن تصبح شريكاً لها...وكأن مشاركة الرئيس التركي في الحملة على أوروبا شرط لهذا التحسن مع موسكو وتثبيت له".
أما بسام أبو عبد الله فكتب في صحيفة الوطن السورية "لم يتوقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قتال طواحين الهواء منذ أكثر من عقد من الزمن من دون أن يصل إلى أي نتيجة سوى المزيد من تدهور سمعة تركيا، وتحولها إلى دولة لا أحد يثق بها إلا لأسباب جيوسياسية، وتحت الرصد المستمر".
وانتقد أبو عبد الله الرئيس التركي الذي يدخل بلاده وشعبها "من أزمة إلى أخرى، إذ لا تكاد تنتهي من توتر حتى تدخل في توتر آخر من دون أن يجد أحد تفسيراً سياسياً مقنعاً يمكن البناء عليه لتحليل سلوك هذا الرجل الذي أتعب بلده، وشعبه بطموحاته السلطانية".
"انتقام بعد غرام"
وتحت عنوان "تركيا والغرب... انتقام بعد غرام"، اعتبر جميل مطر في الشروق المصرية ما يحدث الآن بين تركيا وبلاد أوروبا الغربية بمثابة "حلقة من حلقات مسلسل الحب المستحيل، ولكنه أيضا التعبير العصري المناسب لحالة التنافر المستحيل".
وأضاف مطر "كلاهما، أي تركيا وأوروبا، لا يستغني الواحد منهما عن الثاني، فالمهاجرون الأتراك في الغرب مشروع اقتصادي تركى مزدهر، والمهاجرون من العالم العربي والإسلامي عبر تركيا مشروع غزو إسلامي جديد للقارة الأوروبية وفى الوقت نفسه مشروع تخريب مبتكر للحضارة الغربية. المشروع الأول يظل رهن إرادة الغرب، والمشروع الثاني كان في نظر الأوروبيين ولا يزال، رهن إرادة أنقرة".
من جهة أخرى، قال ضاري الشريدة في صحيفة الرأي الكويتية إن "معظم الأوروبيين يرون أن أردوغان هو ديكتاتور، لأنهم يركزون على الإجراءات الصارمة التي اتخذتها حكومته على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة، وبالمقابل يغمضون العين الأخرى عن الإنجازات الكبيرة التي حققها في الداخل التركي".
وفي سياق متصل، كتب أمين بن سعود في صحيفة العرب اللبنانية "تتقدّم تركيا بخطوات واثقة من فضاء برلمانية الحكم إلى فردانية السلطة، معلنة عن تطويع للدولة التركية لفائدة الشخص ضمن مقولة شخصنة الدولة عوضا عن تأصيل دولة الوطن والمواطنة".
ورأى بن سعود أن أردوغان "حرق كافة قوارب العودة، سواء مع الاتحاد الأوروبي في ظلّ الأزمة الحادة مع هولندا وألمانيا والنمسا، أو الجوار الإقليمي خاصة مع سوريا والعراق وأرمينيا، أو المطبخ الداخلي حيث ينفض عليه القريب الأيديولوجي قبل البعيد الديماغوجي".
وأضاف بن سعود أن أردوغان "قد ينجح في استحقاق تحويل تركيا من برلمانية إلى رئاسية، ولكنه سيكون رئيساً على دولة نصفها مملكة مؤيدة ونصفها مهلكة منتفضة، لن يهدأ أوار غضبها قبل الانقلاب على الانقلاب".