لأنهم يؤمنون بالقرآن و هو اصدق كلام ، و الله يقول في سورة مريم : " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ "
فهكذا أقر القرآن أن ميلاد النبي عيسي عليه السلام يوم سلام ، فهو يوم فرح و بهجة و خيروبركات تنزلت علي الأرض ،فحق للجميع الاحتفال به وحق للمسلمين خاصة تخليد هذا اليوم و تقديره والفرحة به ،لأنه يوم ميزه الله بالسلام ،والسلام هو الضالة التي يفتش عنها الجميع والتي لأجلها جاء الإسلام.
ولا يوجد احتفال او تخليد او تقدير لميلاد سيدنا عيسى اكثر منما ذكر القرآن الكريم في سورة مريم, وأما أصحاب مدرسة الغلو و التطرف فيرفضون تخليد هذا اليوم ( يوم ميلاد عيسي) و الاحتفال به ، بحجة ان النصارى يقومون بذلك , وهي حجة باطلة مخالفة لقواعد الشرع و أصوله ، فالإسلام لا يرفض الصواب بل يدعو للحق أنى كان مصدره , فالصواب يظل صوابا سوآءا من أي جهة جاء .
فهل يتهرب المسلمون و يتنكرون للقرآن الكريم و لتخصيصه ذكر ميلاد النبي عيسي بأنه يوم سلام ؟ فهل يعقل ان يتنكر المسلمون للحق و يرفضون تخليد هذا اليوم و الاحتفال به ، فقط لأن النصارى يقومون بذلك ؟ ام هل إن السبب هو قاعدة مدرسة الغلو ( القاعدة الدخيلة علي الإسلام ) التي تقول : "هذا لم يفعله الصحابة ".
وهي نفس القاعدة التي طبقوا علي المولد النبوي الشريف , فمنعوا الناس من الاحتفال بمولده صلي الله عليه و سلم , قاعدة هشة لا تستند الي دليل , بل انها اعتراض جلي علي ترغيب الله و ترغيب رسوله في المجيئ بالحسنات, يقول جل وعلا : " من جاء بالحسنة ..." , و يقول المصطفي صلي الله عليه و سلم : " من سن سنة حسنة ...", فاعتمادا علي قاعدة هؤلاء فانه يمنع منعا باتا أي جديد لم يعمله الصحابة.
فهل هذا هو الاسلام الصالح للزمان و المكان , وهل مات الإسلام بموت الصحابة ,و من جهة أخرى فهل رسالة الإسلام هي فقط مخالفة اليهود و النصارى ,فهل الإسلام دين عناد و مخالفة للآخر و حتي لو كان صادقا محقا ؟
الجواب : لا ابدا ، فالإسلام دين الحق و اتباع الحق مهما كان مصدره ، و الاسلام دين سلام ، و ميلاد النبي عيسي يوم سلام ، فالمسلمون هم الأولى بتخليد السلام و يوم السلام لأن دينهم سلام و تحيتهم سلام و دعوتهم سلام .
فليمشي أصحاب مدرسة الغلو و التطرف الهوينا ، و ليعلموا ان الله غني عن عبادتهم وتقربهم و تشددهم وليعلم العالم كله أن الاسلام براء من مثل هذه الأفكار التي تشوه الاسلام و ترفض الاحتفال بأيام السلام.
أيام السلام منها يوم ميلاد عيسي و يوم ميلاد يحي و يوم ميلاد خير الورى سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم ، فكلها أيام سلام بنص القرآن ، و ان اختلف في تاريخ اليوم ، فالعبرة في الحدث " ميلاد نبي "
حدث جلل فرحت به الكواكب و الافلاك و سر به الجن و الطير و الشجر ، فكيف لا يفرح و يحتفل به البشر ؟ المسلمون يحتفلون علي طريقتهم ، ككل احتفالاتهم مقيدون بضوابط الشرع ، دون صراخ و صخب أو فجور او اختلاط او سكر ، بل تبريكات وتبادل هدايا و زيارات و الاكثار من الصدقات و غيرها من اعمال البر و الخيرات .
نعم هي أيام افراح و احتفالات ،المسلمون أولي بها و بعيسي من غيرهم ،و حق لهم كذلك توضيح للعالم انها " ديانة ابراهيمية " ان جاز التعبير ، و دعوة للسلام و ايام السلام و لكنها لا تكون كذلك ديانة ابراهيمية حقة ، الا اذا ردت المظالم لأهلها ، وردت للفلسطينيين ارضهم المغتصبة ، التي تركها الخليفة عمر رضي الله عنه أمانة في اعناقهم ، و ترك اليهود و المسيحيين و غيرهم من الأقليات يعيشون بين ظهرانيهم في امان في كنف دولة الاسلام ، وكنائسهم وممتلكاتهم دون مساس عملا بتعاليم الرحمة المهداة النبي محمد صلي الله عليه و سلم .
قالوا : هذا اليَوْمُ الذي أَظْهَرَ اللَّهُ فيه مُوسَى، وَبَنِي إسْرَائِيلَ علَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا له، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَحْنُ أَوْلَى بمُوسَى مِنكُم فأمَرَ بصَوْمِهِ
كذلك يوم ميلاد عيسي ، فنحن المسلمون اولى بالاحتفال به ، فهنيئا للجميع بميلاد نبي الله عيسي و بميلاد العام الجديد ، جعله الله عام خير و رحمة و بركات تتنزل علي الكون كله ، وصل اللهم و سلم علي خير الخلق كله سيدنا محمد و علي آله الطاهرين و صحبه الأخيار.
البشير ولد بيا ولد سليمان
Email : [email protected]