قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن فساد الشرطة الموريتانية يقوض جهود التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، مذكرة باتهام 11 عنصرا من الشرطة، إضافة لضابط شرطة واثنين من المهربين بتلقي رشاوى من مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مقابل إطلاق سراحهم، حيث تمت إقالة رئيس مكتب مكافحة الهجرة والاتجار بالبشر.
وأضافت الصحيفة أن القضية تتعلق بما وصفتها بـ"قضية فساد تهزّ الشرطة الموريتانية، وتكشف عن نقاط ضعف شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير النظامية"، مؤكدة أنه في يوم 9 أكتوبر المنصرم تم اعتقال واحتجاز ما لا يقل عن 11 ضابط أو عنصر شرطة واثنين من المهرّبين، المتهمين بقبول رشاوى من مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مقابل إطلاق سراحهم، بعد احتجازهم في نواكشوط.
كما تمت قبل يومين من اعتقال هؤلاء، إقالة رئيس مكتب مكافحة الهجرة والاتجار بالبشر المفوض محمد عبد الفتاح ولد سيد أحمد، مؤكدة أنها حصلت على وثيقة رسمية موقعة من طرف مدير الأمن الوطني تثبت أن العقوبة مرتبطة بنتائج تحقيق وتوصيات لجنة تأديبية، مشيرة إلى "سوء السلوك والإخلال بالواجب".
ورأت الصحيفة الفرنسية أنه رغم ادعاء الحكومة الموريتانية أنه لم تتم إقالة المفوض بسبب قضية الرشوة المشتبه بها، وإنما لأسباب إدارية، فإن مصادر متطابقة تؤكد أن عبد الفتاح كان لديه على الأقل الحد الأدنى من المعرفة بهذه الشبكة.
وتحدثت الصحيفة عن حصولها على محادثة سرية مسجّلة هذا الصيف، أشار فيها ضابط شرطة بأوامر من عبد الفتاح، إلى أن رئيسه وبعض زملائه قبلوا أموالا من المهاجرين المحتجزين والمهربين الذين ينظمون رحلات غير قانونية إلى أسبانيا.
ترك مهاجرين في الصحاري
وقالت الصحيفة إن الاتحاد الأوروبي يعمل منذ سنة 2021 في إطار مشروع شراكة مع موريتانيا، تبلغ ميزانيته 4.55 مليون يورو، وتنفذه الوكالة الإسبانية للتنمية (FIIAPP) ومكتب مكافحة الهجرة والاتجار بالبشر، ويهدف إلى توفير التدريب والتجهيزات أو حتى بناء مراكز للاحتجاز في موريتانيا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر موريتاني وصفته بأنه "قريب من الملف"، قوله إن حكومة نواكشوط ستحاول حماية المفوض عبد الفتاح من أجل الحفاظ على هذا التعاون، وتمويل الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة إن المفوض الذي ينتمي إلى عائلة مؤثرة ومرتبطة بالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حصل في العام 2022، على وسام الاستحقاق من الحكومة الأسبانية لمساهمته في مكافحة الهجرة غير النظامية.
وذكرت الصحيفة الفرنسية بأنها كشفت في مايو الماضي، بالتعاون مع "لايت هاوس ريبورتس" ووسائل إعلام أخرى، أن موريتانيا تستخدم أموال الاتحاد الأوروبي للاحتجاز التعسفي والتخلي عن آلاف المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في الصحراء على الحدود مع مالي، وغالبا بدون ماء أو طعام.
وأكدت الصحيفة نقلا عمن وصفتهم بالشهود، أن عمليات ترك هؤلاء في الصحراء تمت تحت إشراف المفوض عبد الفتاح وبمساعدة الشرطة الإسبانية، مردفة أنها حصلت على صور تظهر عبد الفتاح مع إسبان يعملون كجزء من مشروع "POC" في نواكشوط أثناء رحلات العمل إلى جزر الكناري.
وقالت الصحيفة إنها اتصلت بوزارة الخارجية الأسبانية لأخذ رأيها حول الموضوع، حيث ردت بأنها أبلغت بإقالة عبد الفتاح، ولكن دون مزيد من التفاصيل.
فيما قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إنها على علم بإقالة المفوض الموريتاني، مضيفة أنها لم تعلق على التحقيقات الجارية.
وذكرت الصحيفة بأن الاتحاد الأوروبي أطلق في مارس الماضي شراكة في مجال الهجرة مع موريتانيا بقيمة 210 ملايين يورو، واعتبرت المفوضة إيلفا جوهانسون أن هذه الشراكة ستعزز الجهود المشتركة لمكافحة تهريب المهاجرين.