عكسا لما يساور البعض من شكوك حول وضعية وطننا الحبيب، فإنه عندما نقوم بتحليل هذه الوضعية، ندرك أنها لا تستوجب مثل هذا التشاؤم، لذا يجب وضع المراجعة الحالية للدستور في سياقها الحقيقي.
فاتخاذ المبادرة بمراجعة الدستور حق يملكه رئيس الجمهورية و البرلمان و هو حق حصري لا دخل فيه لأي كان و ليست هذه المراجعة مشروطة بأحكام شخصية حول سياق معين.
إن القول بأن البلد يعيش وضعية مقلقة مبالغ فيه، فالدولة بصحة جيدة و لا تعاني من عائق يحول دون تطورها و إني شخصيا لا أرى ما يحكم البعض بأنه وضع قاتم يهدد بالانفجار و تصفه أطراف أخرى بالأزمة التي تتعين تهدئتها.
هي قراءة للوضعية الحالية لبلدنا تنقصها الموضوعية في الوقت الذي تشهد فيه البلاد العديد من الانجازات البناءة و الايجابية، تطال جميع الميادين، فكيف التكذيب عنها و هي بارزة للعيان و حقيقة لا مراء فيها و ما يتم الحديث عنه من أن ثمة وضعية سياسية و اجتماعية متحكمة تتطلب التهدئة، مجرد نظرة شاذة، منافية للواقع و لا تعكس الواقع الموضوعي المعاش و إذن، فإن الوضعية الصعبة المزعومة التي تبعث على القلق، ربما يكون المراد منها لفت الرأي العام المتسامح عن حقيقة المجهود الوطني.
في رأينا أن هذه التقديرات المنذرة بالخطر التي يروج لها أشخاص يحتلون مكانة متميزة لا تترجم الواقع، فالأسواق مليئة بأنواع المواد، والمعاش اليومي ليس سيئا بالدرجة التي يعتقدها البعض و دوائر الدولة تسير كما ينبغي و ليس هناك أي فراغ دستوري و قد شهدت رواتب موظفي وكلاء الدولة زيادة ملحوظة تفاديا للجوء إلى الرشوة و اختلاس المال العمومي الذي يشكل اليوم مرضا عضالا شاملا و قد تم اتخاذ إجراءات فعالة من أجل القضاء على الظاهرة بصورة مستمرة و إن الإنجازات التي تحدثنا عنها استهدفت الأولويات في ما يحتاجه المواطنون و الدولة الموريتانية من منفعة، معززة بذلك الإمكانات المتوفرة.
أنا لا أشاطر المواقف التي بحسبها توجد أزمة حادة يخشى عليها من أن تقوض أسس الدولة و تهدد كيانها وهذا الإدعاء باطل و لا يستند إلى حجة باعتبار تطور و حركة البلد في جميع الميادين، علما بأن هذا الحكم المتطرف في حد ذاته جائر و ينظر إلى الدولة نظرة استخفاف في حين أن العناصر المكونة للدولة تحصنها من هذه التهديدات المزعومة أيا كان مصدرها. و هكذا فإن وجود الدولة لا يمكن التشكيك فيه بمجرد تلاعب بالكتابة و بالأحرى تصور مبالغ فيه و يجرني هذا إلى القول بأن بنية الدولة (سلطة، شعب، حوزة ترابية) تجعله يختلف عن كل بنية أخرى مهما كانت طبيعتها.
اسمحوا لي مواطني الأعزاء أن أتقدم باقتراح ذو نسق سياسي و دستوري، حرصا مني على ضرورة التوازن السياسي و الاستقرار الوطني حصرا، يتعلق الأمر بمراجعة المادتين 26 و 28 من الدستور التي أرى أنها قسرية و تعسفية لأنها تشكل انحرافا عن المبادئ العامة للحق المعترف به لكل مواطن فيما يتعلق بالعمر و التصويت في أن يتقدم إلى الانتخابات و يتعلق الأمر هنا بحق سياسي مكتسب، لا يمكن سحبه من صاحبه إلا بقرار قضائي نهائي.
لنتحاكم إذن إلى حكمة الشعب الذي يعتبر حكمه لا رجعة فيه و هكذا يتم إرضاء المتمسكين بالمادة 26 و المتمسكين بالمادة 28 من الدستور على حد سواء و ستمكن مراجعة هاتين المادتين من يعنيهم الأمر من أن ينظر بعضهم إلى بعض في أمل و ثقة و لن يحس أي شخص بعد ذلك بالغبن.
هذه هي الديمقراطية التي تجسد إرادة الشعب و من جهة أخرى فقد علمتنا الديمقراطية أن التناوب لا يحصل إلا عن طريق صناديق الاقتراع و ليس بالايدولوجيا المستوردة.
و في الختام، أتمنى لبلدي الاستقرار في الزمان والمكان.
تعيش موريتانيا حرة و مزدهرة.
ذ/ شيخنا ولد لحبيب
عميد المحامين في موريتانيا