قال رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير إن سلوكيات وزارة الداخلية تنضح بالذاتية، وتظهر "جهلا تاما بالنصوص المنظمة لعلاقاتها مع الأحزاب السياسية، التي هي بعيدة كل البعد عن كونها مجرد قطيع شخصي يتولى المعني تربيته، دون خبرة في الرعي".
وأضاف ولد بلخير في مقابلة مع صحيفة "القلم" الصادر باللغة الفرنسية أنه "عندما يتفضل الوزير بالموافقة على اعتبارهم بشرا، فإن كل سلوكياته تنضح بالذاتية المفرطة، وانعدام تام للاحترام، كما لو كان الجميع ملزمين بلعق حذائه من أجل البقاء".
وأردف ولد بلخير أن الاستعداء الرسمي يتم دون استشارة مسبقة، ولا يحمل أي جدول للأعمال، وفي أغلب الأحيان يصل في الليل، يضاف إلى كل ذلك وجود عجز في ممارسات مفهوم الدولة.
وشدد ولد بلخير على أن طغيان ما وصفه بالذاتية دفعه إلى الاعتقاد بأن وعوده الشخصية تساوي في نظره أكثر من المصالح العليا للدولة، وهو ما يبرر التضحية بهذه الأخيرة لصالح احترام الالتزام الذي قطعه على نحو غير مبرر للأصدقاء.
ورأى ولد بلخير أن الانتخابات الرئاسية، مهما كانت، ستكون بلا طعم ولا رائحة إذا جرت في نفس الظروف التي جرت فيها الانتخابات النيابية، والجهوية، والبلدية الأخيرة، التي انتهت بشكل كارثي، تحت أعين السلطة، أو الأمير، قبل أشهر قليلة.
ولفت ولد بلخير إلى أن التحالف الشعبي تلقى دعوة هاتفية إلى الاجتماع الذي تم إخفاء جدوله، رغم طلب الحزب له بشكل رسمي، "وكان واضحاً أن كل شيء يدور حول «الميثاق الجمهوري»، الذي ما زال وقوده ينفد، لكن جهة الوصاية أرادت فرض التوافق عليه، ولهذا لم تخجل من الحشو والتلاعب، لكل هذه الأسباب، لم نوافق على هذه العملية الفاضحة والمخزية التي كان فشلها واضحا لنا منذ البداية".
وأشار إلى أن الانتخابات الرئاسية لم موضوعا يمكن مناقشته مع "النكرات" لأن الكبار فقط (دون معرفة من هم الكبار، أو ما هي آلية تحديدهم!؟) هم المعنيون. ومن ثم، فمن المؤكد أنها كانت ستثير اهتمامي لعدة أسباب، تجعلها أكثر ضرورة من كل ما سبقها من الانتخابات الرئاسية، فلو أن الأحكام المنقذة للديمقراطية ومحركها الأساسي، الانتخابات، قد تم السعي إليها، والحصول عليها وتنفيذها بإجماع واسع النطاق، وبمشاركة وتمثيل الجميع، لكنا في بداية الركب.
وعن المبادرة التي أطلقها ولد بلخير خلال الأيام الماضية، ودعا من خلالها إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، مقابل عدم ترشح الرئيس غزواني، وتنظيم انتخابات محلية مبكرة، قال ولد بلخير إنها "في الأساس هروب من الحلقة المفرغة للأخطاء المتكررة التي منعتنا، لأكثر من ستة عقود، من المضي قدما بأي شكل من الأشكال".
وقال ولد بلخير إنه يتحمل مسؤوليتها الكاملة، والشخصية، وهو على استعداد تام لمشاركتها مع جميع المواطنين الذين يطمحون بشدة إلى إنشاء جمهورية إسلامية موريتانية مختلفة، مختلفة بشكل تام وحقيقي.
وشدد ولد بلخير على أن موريتانيا ظلت توجه منذ أكثر من ستين عاما أزمة وجودية كبيرة جدا، تضخمت هنا وهناك بسبب التناقضات والاختلالات المؤسسية، والمظالم الاجتماعية التي لا توصف، والانحرافات الاقتصادية، والبدع الدينية، والانحرافات الأخلاقية، التي يعاني منها، وبدلا من المساعدة في التغلب عليها، على العكس من ذلك، لا تؤدي الممارسات المتبعة إلا إلى تفاقمها للأسف الشديد.
وأرجع ولد بلخير نشأة هذه الأزمة لعدم التوافق، على آليات لمواجهة الاتجاهات التي تشكل مصدرا للصدام بين الأجيال، من ناحية، وكذلك للصدامات الثقافية من ناحية أخرى، لغياب التعليم المكيف مع الحاجيات الوطنية (إذا كانت لدينا العناية) "بإرادة العيش معًا" والتي تطالب بها الأجيال من مختلف الخلفيات، والثقافات بشكل جدي، في ظل غياب تام لأي استثمار من طرفها لتحقيق ذلك.وأردف ولد بلخير أن هذه العبارات القليلة التي تمت صياغتها بشكل عاجل، تشكل التشخيص الدقيق للأمراض التي تسبب الإعاقة، وتوضح بكثير من الجد، حاجتنا لإعادة بناء دولتنا على أسس عادلة وتوافقية، وقد أصبح من الملح اكتشاف آليات لذلك، وتنفيذها دون مزيد من التأخير.