الحرب على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني كله في الأراضي الفلسطينية المحتلة سوف يدخل شهره السادس، وهي أطول حرب خاضها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين منذ نشوء الكيان في العام 1948.
للمرة الأولى تستمر الحرب لمدة السادس أشهر دون أن تتضح نهايتها ودون أن ينجح الجيش الإسرائيلي بحسمها، بل هي امتدت إلى جبهات أخرى في لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران، وهناك تخوفات من أن تتطور إلى حرب شاملة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقفها خلال هذا الایام.
ولم تعد هذه الحرب مقتصرة على الجبهات العسكرية في فلسطين ودول المنطقة، بل امتدت إلى كل العالم ولكن من خلال التحركات الشعبية وعلى صعيد الحرب الإعلامية والمحاكم الدولية، فقد شهدنا تقديم شكوى ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية، كما أن التحركات الشعبية والمعارك انتقلت إلى الجامعات والمؤسسات الثقافية والفكرية، حيث يواجه الكيان معركة قاسية بسبب الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني وفي ظل بروز وعي عالمي جديد للتضامن مع الفلسطينيين وانكشاف الحقيقة الإجرامية البشعة للكيان الصهيوني، إضافة للمعركة المتصاعدة داخل هذا الكيان بين مختلف المجموعات السياسية، والتي تؤكد أن هذا الكيان يعيش مرحلة جديدة من التصدعات الداخلية ولن تنفع معها كل الجهود الأمريكية والدولية (وحتى للأسف من بعض الدول العربية) لحمايته وإعادة الشرعية له.
واليوم، غيرت هذه الحرب العظيمة الكثير من الحقائق والأوهام السابقة. لقد أظهرت هذه المعركة وجهاً جديداً للحقائق على الساحة المحلية والإقليمية والدولية.
أهم الأوهام التي دمرت نتيجة هذه الحرب:
أولا: أن الشعب الفلسطيني والأمم الإسلامية في المنطقة تمتلك قدرات هائلة قادرة على صنع المعجزات في حال توفرت الإرادة السياسية والقيادة الحكيمة، وأن زمن الهزائم السريعة انتهى، وأننا اليوم أمام عصر جديد القرار فيه لقوى المقاومة وللشعوب الحرة فقط لا غير.
العالم اليوم لم يعد يصدق الرواية الصهيونية عن الاضطهاد والمظلومية وأن هذا الكيان واحة للحرية والديمقراطية، وقد تجلّت بشاعة جرائمه بأبشع صورها في كل أنحاء العالم رغم سيطرة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام الكبرى وعلى العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وكل الدعم الأمريكي والأوروبي وبعض الدعم العربي أيضا الذي يحظى به؛
ثانيا: أن هذا الكيان الصهيوني لم يعد قادرا على حماية وجوده وأنه بحاجة
لدعم غربي مستمر كي يستطيع خوض الحروب، ولولا الدعم الغربي لما استطاع حماية وجوده، وها هو اليوم يواجه حروبا على جبهات متعددة ولم يعد قادرا على حسمها؛
ثالثا: العالم اليوم لم يعد يصدق الرواية الصهيونية عن الاضطهاد والمظلومية وأن هذا الكيان واحة للحرية والديمقراطية، وقد تجلّت بشاعة جرائمه بأبشع صورها في كل أنحاء العالم رغم سيطرة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام الكبرى وعلى العديد من مواقع التواصل الاجتماعي؛
رابعا: أن كل الرهانات على الصراعات المذهبية والقومية والعرقية قد سقطت، وها هي فلسطين توحد الأمة والعالم لأنها معركة الحق والحقيقة؛
خامسا: أن كل المقولات التي كانت ترفع حول القوانين الدولية وحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية قد سقطت على أبواب قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وها هي الدول التي تدّعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان تسقط أمام دماء الأطفال والنساء في غزة ومنها ألمانيا وبريطانيا وأمريكا وفرنسا، وليس أمام شعب الفلسطین سوى الدفاع عن أنفسهم بقوة ولن تنفعهم القوانين والمعاهدات الدولية؛
السادسا: رغم قسوة المشهد العالمي وفشل المؤسسات الدولية، فإن في هذا العالم قوة جديدة تدافع عن الحق والحرية وتنصر المظلومين، وها هي جنوب أفريقيا تقدم النموذج الرائع في محكمة العدل الدولية، وفي العالم الشعوب تتحرك في الجامعات وفي شوارع المدن؛
السابعا: مهما اشتد الظلم والطغيان ورغم كل التضحيات والدمار فإن فجرا جديدا سيولد؛ بفضل المقاومين ودماء الأطفال وصراخهم، وبفضل الوعي الجديد القادم من رمال ودمار غزة وعيون أطفالها ونظرات نسائها وصمود مقاوميها وتضحياتهم.
واليوم تولد حقائق أخرى كثيرة وتنهار أوهام كثيرة، ولكن الأهم من أي حقيقة هو النصر النهائي لمقاومة الشعب الفلسطيني ضد نظام الفصل العنصري الصهيوني، كما قال قائد الثورة الإسلامية الإيرانية: "إن النصر النهائي سيكون مع الشعب الفلسطيني".
سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في انواکشوط