اختتمت مساء أمس الأربعاء الدورة العادية الأولى من السنة البرلمانية 2023-2024، بحضور عدد من أعضاء الحكومة.
وتميز حفل الاختتام بخطاب لرئيس الجمعية الوطنية، السيد محمد بمب مكت، أوضح فيه أن تعزيز مسار البلاد الديمقراطي يستدعي منا جميعا صيانة وحدتنا الوطنية والذود عنها مهما كلف الثمن، وتحصين البرلمان من التجاذبات العقيمة والشتائم وخطاب الكراهية والنعرات الفئوية والقبلية والجهوية والشرائحية والعنصرية.
وأكد على ضرورة تغليب المصلحة العليا للوطن والتسامي عن المصالح الضيقة والتمسك بقيمنا وثوابتنا، باعتبارها السبيل الآمن لتعزيز لحمتنا الوطنية والحفاظ الدائم على سلمنا الأهلي.
وهذا نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السادة الوزراء؛
زملائي النواب؛
سيداتي، سادتي؛
نختتم اليوم دورتنا العادية الأولى من السنة البرلمانية 2023-2024 التي شهدت، علاوة على مناقشة وإقرار قانون المالية الأصلي لعام 2024 وقانون التسوية النهائية لميزانية 2022، مصادقة جمعيتنا الموقرة على عشرات النصوص المهمة التي نرجو أن تشكل لبنات إضافية في صرح التنمية في بلادنا.
سيداتي، سادتي؛
إن من بين تلك النصوص مشاريع قوانين ترمي لتنظيم وإعادة تنظيم مؤسسات قطاعات سيادية مثل العدل والدفاع والأمن، وهو ما سيسهم – بدون شك – في ترسيخ دولة العدل والمواطنة الآمنة المستقرة، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي تشكل أولوية من أولويات دبلوماسيتنا التقليدية والبرلمانية.
ولا يخفى عليكم أن الأمن والاستقرار يوفران البيئة الملائمة للتنمية والازدهار ويعززان المكانة المرموقة التي تحتلها بلادنا في هذا المحيط الإقليمي المضطرب، تلك المكانة التي تحققت بفضل الانسجام الداخلي المبني على التشاور الدائم بين الفاعلين السياسيين، ونتيجة السياسة الخارجية القائمة على مبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول والانحياز للقضايا العادلة ومراعاة المصالح المشتركة مع البلدان الشقيقة والصديقة.
وفي هذا الإطار، صادقنا خلال هذه الدورة البرلمانية على مشاريع قوانين تتعلق باتفاقيات إقليمية ستوطد علاقاتنا بمختلف الدول وستفتح آفاقا جديدة للتعاون معها.
سيداتي، سادتي لقد كان لتعاوننا مع شركائنا في التنمية حضور قوي كذلك ضمن أعمال هذه الدورة، إذ صوتت جمعيتنا الموقرة على عدة نصوص تسمح بالمصادقة على اتفاقيات سيتم بموجبها إنشاء مؤسسات تعليم عال من معاهد ومدارس عليا للزراعة والبيطرة ومجالات حيوية أخرى في ولاياتنا الداخلية، وهو ما سيزيد الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي التي تتعاظم أعداد الطلبة الجدد الراغبين في الالتحاق بها كل سنة، إضافة لكونه سيعزز اللامركزية في بلادنا.
وفي هذا الصدد، اهتمت بعض النصوص التي صادقنا عليها بمستقبل شباب هذه الولايات، من خلال إقرار مشروع قانون لدعم تشغيل الشباب الموريتاني في ثماني ولايات من ولايات الوطن، علاوة على مشروع قانون آخر لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للامركزية والتنمية المحلية وتعزيز قدرات السلطات المحلية على تخطيط وإدارة الخدمات العمومية وترقية ولوج المواطنين إليها.
كما شملت النصوص التي صادقنا عليها دعم حكامة المؤسسات العمومية وتحسين المتابعة والرقابة المالية لهذه المؤسسات وتعزيز قدرة البلاد على إدارة ديونها بفعالية وشفافية.
أيها السيدات والسادة،
لقد تضمن جدول أعمالنا أيضا في هذه الدورة المصادقة على مشاريع قوانين تتعلق بالاتصال والإعلام، وهي نصوص تصون الحريات وتساعد على حفظ أمن الوطن والمواطن، وتهدف إلى ترقية القطاع السمعي البصري وتعرف الصحفي المهني وتضمن حقوقه وتحدد واجباته.
أما في مجال الاهتمام بالفئات الأكثر هشاشة من مواطنينا فقد صادقنا على مراجعة جديدة لنظام التأمين الصحي بشكل يسمح للأيتام القصر بالاستفادة من التأمين بعد سقوط معاش الأرامل.
السادة الوزراء؛
زملائي النواب؛
سيداتي، سادتي؛
لقد حظيت مهمتنا الرقابية على العمل الحكومي بقسط وافر من عملنا، وهكذا ناقشنا تقرير معالي الوزير الأول الذي قدمه أمام الجمعية الوطنية تطبيقا لأحكام المادة 73 من الدستور، وتلقى بعض نوابنا ردود أصحاب المعالي الوزراء المعنيين على أسئلتهم الشفوية التي وجهوها إليهم حول مواضيع شتى.
لقد تطلب منكم كل ذلك عملا دؤوبا في اجتماعات اللجان وفي الجلسات العامة، وهو ما أدعوكم لمواصلته بمزيد من الجدية والمثابرة والمسؤولية في المقبل من الدورات البرلمانية.
أيها السادة والسيدات
إن تعزيز مسارنا الديمقراطي يستدعي منا جميعا، وأولا وقبل كل شيء، صيانة وحدتنا الوطنية والذود عنها مهما كلف الثمن وضرورة تحصين البرلمان – هذه الغرفة الموقرة – من التجاذبات العقيمة والشتائم وخطاب الكراهية والنعرات الفئوية والقبلية والجهوية والشرائحية والعنصرية. كما يتطلب منا جميعا – مهما تباينت آراؤنا ومشاربنا – تغليب المصلحة العليا لوطننا والتسامي عن مصالحنا الضيقة والتمسك بقيمنا وثوابتنا، فذلك هو السبيل الآمن لتعزيز لحمتنا الوطنية والحفاظ الدائم على سلمنا الأهلي.
وبذلك وحده نراعي الصالح العام ونسعى لما فيه خير شعبنا ونضمن – بالتالي – السير ببلادنا قدما على درب الديمقراطية والنماء والتقدم.
ومهما يكن من أَمر، فإن القانون سيظل الفيصل وسيد الموقف عندما يتعلق الأمر بالخطوط الحمراء، حفاظا على الأمن والسكينة والقيم والأخلاق.
زملائي النواب إن العطلة البرلمانية ستتيح لنا كممثلين للشعب العودة لدوائرنا الانتخابية والاتصال بناخبينا والاستماع عن قرب لمشاغلهم واهتماماتهم وحثهم على الاستفادة من المهلة المتبقية للتقييد في سجلات الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة، والتسجيل كذلك على اللوائح الانتخابية التي ستعد بناء على الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي المنتظر.
في الختام أتمنى لكم عطلة برلمانية سعيدة، وأعلن على بركة الله اختتام الدورة العادية الأولى من السنة البرلمانية 2023-2024 طبقا للمادة 52 (جديدة) من الدستور والمادتين 54 و55 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.