بعد أزيد من شهر من الانتظار، استلمنا أمس الخميس 11/01/024 نسخة من حكم المحكمة المختصة في الجرائم المتعلقة بالفساد ذي الرقم 014/2023 الصادر بتاريخ 04/12/2023.
وقد حطم هذا الحكم الرقم القياسي لجميع أحكام القضاء الموريتاني حيث جاء في 104 صفحات.. وخلوا من التعليل، ومخالفا لجميع أحكام الدستور والقانون والشرع! ولنا عودة إلى ذلك بالتفصيل الذي يستحقه إن شاء الله.
وما إن آوينا إلى مضاجعنا بعد استعراض ثقيل وممل لمتاهات الـ 104 صفحات، حتى أُخبرنا بأن بنات عبد العزيز (تربه وأسماء على التوالي أخت وكريمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز) معتقلات لدى المفوضية الرابعة قبالة مندوبية الأمم المتحدة وجنب بلدية تفرغ زينه، فتوجهنا إلى هنالك الأستاذ أحمد سالم ولد البشير وأنا وبعض الأهل والأصدقاء. ورغم وجود سيارتي المعنيتين في ساحة المفوضية، فقد أنكر أعوان الشرطة المشرفين عليها وجود الضحيتين وزعموا أن أفرادا من الحرس جاؤوا بهما إلى المفوضية وأودعوها سيارتيهما وذهبوا بهما إلى جهة مجهولة ربما تكون إدارة أمن الدولة. فتوجهنا إلى إدارة أمن الدولة فنفى من وجدناهم هنالك وجودهما لديها، فعدنا إلى المفوضية من جديد. وبينما كنا نستعد لإصدار بيان إلى الرأي العام حول اختطاف وإخفاء بنات عبد العزيز، إذا بالمفوضية التي نفت لنا وجودهما لديها تخرجهما، وتسلمهما سيارتيهما، وتأمرهما ـ حسب قولهما ـ بالذهاب إلى منزليهما؛ وأن بالإمكان استدعاءهما في أي وقت! وكانتا في غاية الإرهاق والرعب! وصرحتا لنا بأن أحد قربائهما أخذ لهما موعدا بحسن نية مع من زعم أنه قادر على إطلاق سراح الرئيس، وهناك وقعوا في كمين وتم اقتيادهم جميعا.. وفي المفوضية تم تصويرهما، واستجوابهما استجوابا مطولا وصودرت هواتفهما!
ورغم ما يحيط بهذه الواقعة من غموض إلى حد الآن، فإنها تطرح الأسئلة التالية:
هل لهذا السناريو والإخراج علاقة بهشاشة الحكم رقم 01/2023، وبمرحلة الاستئناف التي يجري تحضيرها والاستعداد لها في سنة ليست كالسنوات.. وهل هذه بداية متاهة أخرى تدوم خمس سنوات أخرى؟
وحتى إذا افترضنا صحة حكاية "الحجاب" التي يجري الترويج لها، فهل يبرر ذلك اختطاف واقتياد بنات عبد العزيز وإخفاءهما وإهانتهما والتحقيق معهما حتى الساعة الواحدة صباحا، ومصادرة هواتفهما وانتهاك خصوصياتهما، من وراء ظهر القضاء، وفي غياب القانون، علما بأن أسماء هي المشرفة على شؤون والدها، بما في ذلك طعامه وشرابه!
لماذا يكذب رجال الشرطة حماة الأمن على المحامين والسياسيين وأهل المعتقلين، ويصرون على خرق القوانين المتعلقة بصيانة الحريات، وحماية حقوق الإنسان، وحقوق الدفاع، وقيم وأخلاق المجتمع المتعلقة بكرامة ومكانة المرأة؟
هل من مصلحة الدولة وأجهزة أمنها الانغماس في الشائعات والشعوذة والقيل والقال وجعلها قضية الساعة، وترك الشأن العام سدى! وإذا كان الأمر كذلك، فكم من "حجاب" وساحر ودجال ومنافق و... و... يسرح ويمرح على أديم الوطن متمتعا برعاية وحماية أصحاب السلطة والنفوذ! فلماذا ازدواجية المعايير إذن: باء تجر، وباء لا تجر؟!
وأخيرا، هل يعلم رئيس الجمهورية حامي الدستور وضامن استقلال السلطة القضائية ومن يصون سير مؤسسات الدولة، أن دعوى فساد العشرية لا أساس لها من الصحة ومبنية على التدليس والتزوير، وجميع ما اتخذ فيها من قرارات وأحكام مخالف لدستور وقوانين البلاد ولشرع الله عز وجل! وهو أي رئيس الجمهورية الحالي المستهدف مباشرة بذلك البغي قبل وبعد غيره؟! فمتى سيضع نهاية لهذه السيبة التي لا تبقي ولا تذر؟
يوم الجمعة 12/01/2024
محمدٌ ولد إشدو