على مفوضية حقوق الإنسان وغيرها من المهتمين عندما تتحدث عن الترسانة القانونية الوطنية لمجابهة العبودية و مخلفاتها، خلال خرجاتها الإعلامية في مختلف المناسبات، أن تقف وقفة تقدير وإجلال للمحاكم المختصة بحماربة العبودية والممارسات الاسترقاقية التي شقت طريقها بكل نزاهة ومهنية، في سبيل فرض استقلاليتها المستمدة من صلاحياتها القانونية بغية تكريس و توفير الحماية القضائية اللازمة لمختلف المتضررين في الوطن من آفة العبودية وآثارها؛ دون تمييز، وفق مقاربة قضائية تمليها عليها القوانين المحددة لاختصاصها، وتكفلها السياسة الجنائية الواضحة والدقيقة في هذا المقام.
كما على مختلف هيئات المجتمع المدني سواء في مجال حقوق الإنسان أو التنمية المستدامة أن تدرك دورها في مساعدة هذا التوجه؛ حتى يتم القضاء بشكل نهائي على جميع الأفعال والممارسات المجرمة بمقتضي النصوص القانونية أمام المحاكم المختصة في إطار الدور التشاركي مع المؤسسات الحكومية المعنية يكفل لها عملها بشكل أكثر ديناميكية ومهنية للقضاء النهائي على كل أشكال الغبن والتهميش وغياب التمدرس داخل بعض الفئات الهشة وتحديدا مع كل من مندوبية (تآزر)، والمكتب الوطني لمحاربة الإتجار بالبشر ومؤسسات التكوين المهني.. وغيرها.
إن المقاربات الناجعة في هذا الصدد تكمن أساسا في تكفل أجهزة الدولة المختلفة بتوفير ظروف العيش الكريم للجميع حتى لا يظل أي مواطن مهما كان مكانه في الوطن تحت خط الفقر والاحتياج لمختلف مستلزمات العيش الكريم (غذاء، إيواء تعليم، صحة، سكن، مهنة.. إلخ)؛ وحتى يتم اجتثاث مختلف المعوقات الموضوعية التي تحدثها التبعية المالية والاجتماعية والطبقية على حساب كرامة الإنسان ومواطنته وولاءه الصرف للوطن، وبشكل نهائي.
ومن أجل أن يظل اللجوء للقضاء والمحاكم المختصة مجرد استثناء ونشاز عارض على القاعدة في جميع الحالات: فيتعين التكامل والتناغم ما بين الأجهزة الحكومية والمدنية المهتمة بهذا الشأن فالقضاء في نهاية المطاف هو المسؤول عن تطبيق القانون، ولكنه في جميع الحالات ليس هو المعني بالأساس بالقضاء على أصل الظاهرة المجرمة.
القاضي الشيخ سيد محمد شينّه - رئيس المحكمة الجنائية الجنوبية المتخصصة في محاربة العبودية والممارسات الاسترقاقية