ينطلق قانون مكافحة العنف ضد النساء من فلسفة وثقافة غربية نشطت خلال العقود الأخيرة لتشكل أحد أهم أدوات السيطرة في النظام العالمي الجديد وتسعى لإلغاء ثقافات الشعوب وخياراتها فيما يتعلق بالخصوصية الثقافية لكل أمة وقد باتت العديد من الشعوب تدرك بوضوح أن خصوصيتها الحضارية والدينية مستهدفة، لذلك فقد رفضت باستمرار مساعي مسوقي القيم الجديدة للعولمة.
وتتضح علاقة القانون بالقوانين الإقليمية والدولية حيث يندرج قانون مكافحة العنف ضد النساء والفتيات، في سياق القوانين ذات الصلة بقانون النوع وما تطرحه تلك القوانين من ثقافة وفلسفة وباتت العديد من الشعوب تدرك بوضوح ومن خلال تعاطيها مع فلسفة العولمة الأحادية، أن خصوصيتها الحضارية والدينية مستهدفة لذلك فقد رفضت باستمرار، مساعي مسوقي القيم الجديدة للعولمة، وتأسست ثقافة مقاومة أفرزت منظومة رفض تتأسس على الخصوصية الحضارية والثقافية، ودخلت في نهج خيار المقاومة ثقافات عديدة من أبرزها (الشعوب الإسلامية والصين والفاتيكان) ويمكن الرجوع للسجالات التي عرفتها وثائق مؤتمرات السكان والتنمية منذ السبعينيات وحتى الآن والتي أفرزت نقاشات ساخنة بخصوص إشكاليات اجتماعية كبرى أبرزها موضوع الأسرة وما يرتبط به من نقاط وإشكالات نوجزها على النحو التالي:
1- إعادة تعريف الأسرة (وتحديد أنواع الزواج للسماح بالشذوذ وتشريع الزواج المثلي..).
2- إعادة بناء مفهوم جديد للثقافة الجنسية، من أجل تمرير فلسفة الانحراف والقضاء على أسس الاستقامة الفطرية للإنسان بغض النظر عن دينه توحديا كان أو وثنيا.
3- ربط مفاهيم الأسرة بالمسألة السكانية كمدخل موضوعي للتسويغ التغيير الاجتماعي، من أجل ضمان التحكم في تداعيات الانفجار السكاني وما يطرحه الإشكال الديمغرافي من تحديات استراتيجية واقتصادية واجتماعية للمجتمعات الإنسانية المعاصرة.
وبذلك يتحقق التحول المطلوب فتتحول الأسرة من كيان ذي مرجعية مستقرة تحكمه قوانين راسخة في النفس والمجتمع إلى أسرة مفككة، يكرس قانونها التفريق بين كيانها المؤسس، باسم تحرير المرأة وحمايتها، فإذا رفض الرجل اجهاض زوجته، جاء القانون ليقول هذا حق المرأة المطلق، وإذا حاول الوالدان متباعة سلوك أبنائهم، تدخلت هذه القوانين لتحمي الشذوذ والانحراف، لقد انتهت الأسرة ككيان متماسك إذ لم يعد الأبوان مرجعها الحاسم وإنما أصبح الأبوان في حالة خصام كل منهما يعتبر الآخر خصيما يجب القصاص منه، ومع هذا التحلل لكيان الأسرة من الطبيعي أن يترتب عليه انتشار الطلاق، ومنع الحمل والإجهاض، ومن المنتظر أن يتمرد الأبناء، ويفتقدون للموجه مما سيؤثر على نجاحهم في مناحي الحياة المختلفة.
وقد كادت الحكومة الموريتانية تستجيب للضغوط ويصدر قانون النوع قبل ست سنوات لولا أن النخب الحية وفي الصدارة منها العلماء والدعاة والنواب (من جل الطيف السياسي) الذين اسقطوا تلك النسخة، والآن يطرح المشروع في نسخته الرابعة وفي ثوب محاربة العنف ضد المرأة والفتاة من دون أن يراعي جملة من الموجهات التي تبعده من أن يكون مجسدا لفلسفة ومفاهيم النوع الاجتماعي ومستنسخا لتقاليد مجتمعات مغايرة دينيا وقيميا مع التذكير بأن بعض العارفين بالقانون يرون أنه لا يأتي بجديد يذكر فكل الجرائم التي ينص عليها هذا القانون مجرمة إما في القانون الجنائي أو قانون الحماية الجنائية للطفل أو قانون الجريمة السيبرانيه وإنما جاء بها تحت مسميات جديدة ( التحرش الجنسي بدل انتهاك حرمات الله، والابتزاز بدل استخدام النشر بواسطة الأنظمة المعلوماتية للإضرار بالغير..) وهذا ما يحتم رفضه أو صياغته من جديد وعلى أسس تراعى:
1-التطابق في أدق التفاصيل مع شريعتنا السمحة ومراعاة الموروث القيمي والعادات المنسجمة مع هذه المرجعية تكميلا للنقص في المنظومة التشريعية وصونا للمرأة وحفظا لعرضها وكرامتها.
3-الوفاء بالالتزامات الدولية، بما لا يصادم المرجعية الإسلامية والهوية المجتمعية.
ومهما يكن فإن هذا القانون وما يحمله من مخالفات صادمة وهادمة لقيم المجتمع ولحمته فإن مسوغاته للسعي لتمكين المرأة وحمايتها يثبت الواقع عدم حجيتها، فالمرأة الموريتانية ومنذ نشأة الدولة كانت نشازا بين الكثير من النساء في العالم العربي بل والجوار الافريقي فالواضح أن لها حضورا سياسيا قويا، ومشاركة فعالة في المجتمع ومكانة حاضرة في البيت والتربية والتصدر، ومع ذلك لازالت هناك حاجة ماسة لمعالجة الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تثقل كاهل المرأة الموريتانية من مكافحة للتفكك الأسري، وإبراز إضراره، ودوره في ترسيخ الفقر وضياع الأبناء مع غياب دور الجهات الرسمية في تكريس الوعي لدى النساء بحقوقهن وضرورة المطالبة بها من حق المطلقة قانونا بالنفقة لها ولأولادها، وهو ما لا يحصل في الغالب حتى لا يقال أنها بحاجة لمن طلقت منه، بل تبحث المطلقة عن معيل آخر يعينها على تربية أولادها.
ضرورة إزالة الحواجز القانونية والمجتمعية لتحسين الفرص الاجتماعية والاقتصادية للمرأة.
الاهتمام بتكوين وتدريب المرأة في المجالات المختلفة وتمجيد دور ها وتقديم نماذج للأجيال من النساء اللواتي تركن بصمات إيجابية، وتثقيف المجتمع انطلاقا من مناهج تعليمية وتوعوية تعزز الاعتبار والاحترام للمرأة كشريك كامل في بناء الوطن.
وهذا الوضع يحتاج إلى حملات توعية مستمرة لتغيير الأعراف والمفاهيم السائدة التي تضر بالمرأة، وبالأسرة بشكل عام.