عندما تسبب محمد عمو في مقتل ابن عمه دون أن يشعر

سبت, 18/02/2017 - 20:26

هذه قصة واقعية حدثت منذ بعض الوقت , وما زال أحد أطرافها يذرف الدموع حين يتذكرها

أو يُذَكّر بها لأنه وباختصار شديد كان السبب في مقتل صديقه وابن عمه دون أن يدري أو يقصد.

القصة حدثت كما يرويها ــ محمد عمو ــ في غابة موحشة بأدغال جمهورية مالي ,حين اضطر صحبة  ابن عمه وصديقه عبد الرحمن ذات سنوات عِجاف الى ركوب المخاطر وتحدي الصعب ,والمجازفة بالتوغل في "آدوابة" مالي بحثا عن المواد الغذائية التي كانت شبه منقرضة في سبعينيات القرن الماضي في موريتانيا.

أخذا حوالي 15 عشر جملا من أجاويد الابل التي تتحمل الجوع والعطش في قافلة كانت تُعرف في المناطق الشرقية ب "الرفكَـة" وانطلقا حتى وصلا وُجهتهما واشتريا ما يحتاجانه من أنواع الحبوب , في وقت كانت السلطات الامنية المالية تعتبر مهرب الحبوب كمهرب المخدرات و وذلك لندرتها بسبب قلة الامطار وسنوات الجفاف , وقد منحت نفسها حق إطلاق النار على كل من وُجد متلبسا من الموريتانيين بالتهريب ومصادرة ما معه من المتاع وفرض غرامات مالية مجحفة.

وكانا لا يسيران بالقافلة الا ليلا في معظم الاوقات لتجنب رصد العيون و ولا يسلكان الا الطرق الوعرة غير المعروفة لأهل تلك المناطق .

وذات صباح , وقبيل شروق الشمس بلحظات, وعندما كانا على وشك الدخول الى الحدود الموريتانية , فوجئ عبد الرحمن ــ وكان في مؤخرة القافلة ــ بدورية للدرك المالي تطلق صافرات التحذير والانذار بوجوب التوقف , لكن محمد عمو الذي يقود القافلة لم يشعر بالامر بسبب إصابته بصمم قوي منذ طفولته , فظن أفراد الدورية أنه يرفض الانصياع لأوامرهم ويسابق الوقت للدخول الى الاراضي الموريتانية التي لم يعد يفصلهم عنها سوى مئات الامتار , فأطلقوا النار عليه فكُسرت فخِذاه وسقط على الارض , فلما رأى عبد الرحمن ما فعله الجنود الماليون بابن عمه , وظنّ انهم قتلوه بدم بارد , غضب غضبا شديدا وهجم عليهم ــ مع انه أعزل ــ بكل قوته ,لكنهم استطاعوا إسقاطه في النهاية , وبدأوا في ضربه بأعقاب بنادقهم حتى كسروا أضلاعه وأصيب بنزيف داخلي لم يلبث أن تُوفي بعده بوقت قصير.

أما محمد عمو الذي ما زال على قيد الحياة ,فهو يُحمِّل نفسه مسئولية مصرع ابن عمه عبد الرحمن و ويقول في حسرة وألم :

لو أني سمعت صيحات الجنود وأوقفت القافلة , فلربما كان أخي عبد الرحمن حيا الآن أو كان مات ميتة طبيعية.

هذا جانب مما كان يعانيه سلفنا في سبيل تأمين العيش الكريم لأسرهم , بل وأسر أقاربهم , فمحمد عمو يقول إن تلك "الرفكَـة" كانت لمؤونة الحي "لفريكـ" كله ولمدة عام تقريبا.

اقرأ الاصل من هــــــــــــنا