تداولت وسائل إعلام عربية وغربية خبر تراجع السعودية عن الترشح لاحتضان مونديال 2030، وفسح المجال أمام صراع أوروبي مغربي ثلاثي يجمع اسبانيا والبرتغال والمغرب، وآخر رباعي من أمريكا الجنوبية يضم الأوروغواي والأرجنتين وباراغواي وتشيلي، وهو الأمر الذي لم يحدث أصلا حسب مصادر سعودية موثوقة أكدت أن المملكة لم تعبر رسميا عن نيتها في الترشح حتى تتراجع، وبأنها تستعد لدخول السباق في حينه حتى من دون مصر التي تبدو مترددة في دخول السباق برفقة المملكة واليونان، لكن كل المؤشرات و التسريبات والتقارير الإعلامية، وسياسة الاستقطاب التي تنتهجها، تؤكد أن المملكة ماضية نحو إعلان ترشحها حتى من دون مصر واليونان، سواء بشكل أحادي أو برفقة بلد آخر خليجي في حالة تراجع اليونان ومصر.
السعوديون يشتغلون على الملف في الداخل والخارج، من دون الإعلان عن نواياهم وتفاصيل مشروعهم، لكن تقارير اعلامية يونانية أكدت رغبة الحكومة في دخول السباق، خاصة وأن السعودية عرضت تمويل ملاعب جديدة في اليونان ومصر مقابل قبول البلدين ترشيحا مشتركا، أما تردد مصر لأسباب خاصة فلن يغير من المعادلة شيئا، ولن يمنع السعودية من الاستمرار في الدعاية والتسويق لبلد متفتح يريد أن يجعل من الكرة وسيلة استثمار جديدة لبلد يملك من المؤهلات ما يرشحه أيضا لاحتضان مونديال السيدات 2026، بعد أن منحه الاتحاد الآسيوي شرف تنظيم كأس أمم أسيا 2027، وهو ما يدفعه إلى تطوير بنيته التحتية وتعزيز دوري كرة القدم المحلي بنجوم عالميين يساهمون في تغيير تلك الصورة النمطية التي بقيت لصيقة بالمملكة لعقود طويلة، باعتبارها قبلة للمسلمين فقط، لتتحول الى قبلة لكبار اللاعبين والمدربين والاستثمارات في عديد المجالات.
الاستقطاب السعودي لا يقتصر على نجوم العالم، بل يتعداه إلى استقطاب الدعم الدولي من خلال علاقات الشراكة القوية التي تجمعها بالاتحادين الدولي والآسيوي لاستقطاب الأصوات من الآن، بما في ذلك في القارة الافريقية بعد اتفاقية الشراكة التي عقدتها مع الاتحاد الافريقي لمدة خمس سنوات، من خلال تمويل الدوري السوبر الأفريقي بمبلغ 200 مليون دولار، ودعم مشاريع أخرى في كل البلدان الافريقية بالتعاون مع الفيفا، لضمان أصوات الأفارقة بالاضافة الى أصوات آسيا، ما يكفيها للفوز بتنظيم مونديال 2030 الذي يشارك في التصويت عليه كل أعضاء الجمعية العمومية الذين يفوق عددهم مئتي اتحاد، وليس أعضاء المجلس التنفيذي كما جرت العادة، ما يتطلب جهدا كبيرا ومالا كثيرا لإقناع أكبر عدد من الاتحادات في مختلف القارات، التي تتشتت أصواتها بين المرشحين.
المنافس الكبير للملف السعودي لن يكون ملف أمريكا الجنوبية التي تريد الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس كأس العالم سنة 1930، بل الملف الأوروبي المغربي الذي يسعى لاستقطاب أصوات أوروبا وآسيا التي تفوق مئة صوت في المجموع، في حين ستكون الأصوات العربية مشتتة بين القارتين، لكن الفيفا مهتمة أيضا بتوسيع نطاق الاحتفالات الى ثلاث قارات في أوروبا وأفريقيا وآسيا من خلال منح السعودية واليونان ومصر فرصة تنظيم البطولة، أو حتى للسعودية بمفردها بعد النجاح الباهر للتجربة القطرية التي أبهرت العالم وكسرت حواجز نفسية وذهنية، لذلك تبدو السعودية في موقع قوة حتى قبل أن تعلن عن ترشحها رسميا في أقرب فرصة.
السعودية لم تعلن ترشحها حتى تنسحب، لكنها تستقطب وتستثمر، تشتغل على الملف في السر والعلن، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ماديا وسياسيا، في قارة آسيا وكل القارات، ومع الفيفا التي صارت تتعاون معها بشكل كبير.