طور باحثون من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" Massachusetts Institute of Technology لاصقة موجات فوق صوتية يمكنها إنتاج صور حية عالية الدقة للأوعية الدموية الرئيسة والأعضاء الغائرة. الأمر الذي سيساعد على تصوير ومراقبة الأعضاء الغائرة والأجنة بسهولة ويسر في المستقبل.
والفحص بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound imaging or sonography) هو إجراء يستخدم موجات صوتية عالية التردد لإنشاء صورة لجزء ما داخل الجسم. ويُطبق هذا الإجراء عادة لفحص الجنين أو تشخيص بعض الحالات أو توجيه الجراحين في أثناء بعض الإجراءات الطبية.
معوقات قائمة
ولذا، فإن التصوير بالموجات فوق الصوتية يعد نافذة آمنة توفر صورا حية لأعضاء المريض الداخلية. غير أن هذه العملية تحتاج إلى فنيين مدربين لتوجيه وإبقاء الإشاعات الصوتية صوب المنطقة المُرادة في الجسم، ومن ثم ينتجون صورا عالية الدقة للأعضاء الغائرة.
ولإجراء التصوير بالموجات فوق الصوتية، يقوم الفني بوضع هلام سائل "جل" على جلد المريض يساعد على نقل الموجات فوق الصوتية. ومن ثم يدفع بالمسبار أو موصل الموجات؛ على "الجل" ليرسل الموجات الصوتية إلى الجسم، والتي ترتد كصدى يميز هياكل وبنى الجسم الداخلية وتعود إلى المسبار حيث يتم ترجمتها إلى صور مرئية.
ويحتاج بعض المرضى إلى فترات طويلة من التصوير. وتقدم بعض المستشفيات مجسات مثبتة على أذرع آلية يمكنها حمل وتثبيت مسبار الموجات فوق الصوتية في المكان المطلوب. غير أن "الجل" السائل يجف مع الوقت، مما يمنع التصوير طويل المدى. كما يتطلب التصوير بالموجات فوق الصوتية -في وقتنا الحالي- معدات ضخمة ومتخصصة لا تتوفر إلا في المستشفيات وعيادات الأطباء.
لاصقة موجات فوق صوتية
غير أن علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد يجعلون هذه التكنولوجيا المتقدمة متاحة وصالحة للارتداء بالمثل كما تفعل عندما تشتري لاصقة جروح طبية من الصيدلية.
ففي ورقة بحثية جديدة نشرت في دورية "ساينس" (Science) في 28 يوليو/تموز الجاري وأفرد لها معهد "ماساتشوستس" بيانا صحفيا، ابتكر علماء المعهد لاصقة موجات فوق صوتية جديدة بحجم طابع بريد تلتصق بالجلد وتوفر تصويرا مستمرا بالموجات فوق الصوتية للأعضاء الداخلية لمدة 48 ساعة.
وقد أنتجت لاصقة الموجات فوق الصوتية الجديدة التي طورها فريق معهد "ماساتشوستس" صورا عالية الدقة لمدى أطول من الزمن، وذلك بدمج طبقة لاصقة قابلة للتمدد مع مجموعة ثابتة من ناقلات الموجات فوق الصوتية. ويشير تشونع وانغ المؤلف الأول للدراسة في البيان الصحفي إلى أن "هذا المزيج مكّن الجهاز من التكيف مع الجلد وحافظ على الموقع النسبي لناقلات الموجات فوق الصوتية، وقد نتجت عنه ذلك صور أكثر وضوحا ودقة".
تصميم فريد
وتتكون الطبقة اللاصقة الجديدة من طبقتين رقيقتين من مطاط صناعي مرن يغلفان طبقة وسطى من مادة "هيدروجيل" صلبة (وهي المادة التي تنقل الموجات الصوتية بسهولة). وعلى النقيض من المواد الهلامية التقليدية، فإن المادة المستخدمة مرنة وقابلة للتمدد. ويذكر الفريق أن "طبقتي المطاط الصناعي تمنعان جفاف طبقة الهيدروجيل بينهما".
وقد تم تصميم الطبقة المطاطية السفلية بشكل يُمكّنها من الالتصاق بالجلد، بينما تُوصّل الطبقة العليا منها بمجموعة ثابتة من ناقلات الموجات الصوتية التي قام الفريق بتصميمها أيضا. ويبلغ مساحة اللاصقة المصممة "2 سنتيمتر مربع"، وسمكها "3 ملليمترات"؛ وهي المساحة المقاربة لطابع البريد.
وقد اختبر الباحثون اللاصقة على متطوعين أصحاء ارتدوها على أجزاء مختلفة من الجسم مثل العنق والصدر والبطن والذراعين. وظلت اللاصقة متشبثة بالجلد طيلة 48 ساعة وأنتجت صورا واضحة للتراكيب الداخلية التي تم فحصها. وقد كان المتطوعون يقومون بالعديد من الأنشطة كالجلوس والوقوف والركض وركوب الدراجات ورفع الأثقال خلال تلك الفترة.
نظرة على الداخل
ومن خلال الصور الناتجة، استطاع الباحثون ملاحظة تغير قطر الأوعية الدموية الرئيسة في أثناء الجلوس والوقوف. كما التقطت اللاصقات تفاصيل الأعضاء الغائرة مثل الكيفية التي تغير بها شكل القلب عند ممارسة الرياضة. كما تمكن الباحثون من مشاهدة المعدة وهي تنتفخ وتتقلص في أثناء شرب المتطوعين للعصير وعند إخراجه.
كما استطاع الباحثون التعرف على بعض النقاط الساطعة في العضلات أثناء ممارسة بعض المتطوعين رفع الأثقال، مما يشير إلى وجود تضرر صغير مؤقت في تلك المناطق. ويذكر الفريق أنه "من خلال هذا التصوير قد نتمكن من تحديد اللحظة التي يتعين فيها على المُتمرن عدم الإفراط في التمرين والتوقف قبل أن تتضرر العضلات".
ويقول جوانهي جاو، أستاذ الهندسة الميكانيكية والمدنية والهندسة البيئية وقائد الدراسة "نثق بأننا فتحنا حقبة جديدة من التصوير القابل للارتداء. فمن خلال قليل من الرُقَع على جسمك الخارجي، يمكنك رؤية أعضائك الداخلية".
ويعمل الفريق حاليا على تطوير الجهاز حتى يمكنه العمل لاسلكيا. حينئذ سيستطيع المرضى ارتداء لاصقات الموجات فوق الصوتية وأخذها إلى المنزل، وكذلك سيسهل عليهم الحصول عليها من الطبيب أو الصيدلية. الأمر الذي سيساعد على مراقبة الأعضاء الداخلية المختلفة وكذلك مراقبة تطور الأورام ونمو الأجنة في الأرحام.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي