منذ وقت ليس ببعيد، كان وجود الروبوتات في المدارس مجرد خيال علمي، لكن التقدم الحادث في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي جعل هذه الآلات حليفة للمعلمين الذين باتوا معرضين لخطر استبدالهم في المستقبل.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "لاكروا" (la-croix) الفرنسية، قال الكاتب دينيس بيرون إن الروبوتات في أوروبا وفي آسيا بدأت تدريجيًّا تحتل مكانة في الفصول الدراسية، لكن هذه الروبوتات المجهزة بأجهزة استشعار والمبرمجة للتفاعل على نحو مستقل تكاد تشبه البشر.
ويبيّن الكاتب أن الروبوتات ظهرت في بعض المدارس في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 من أجل مساعدة الطلاب على فهم آلية عملها، إذ يوضح الخبير أنتونين كويس "استُخدمت الروبوتات لمساعدة الطلاب على فهم أن حركتها ليست سحرًا ولكنها تعتمد على خوارزميات أنشأها الإنسان".
ويشير الكاتب إلى أن هذه الآلات تجعل المنطق الرياضي أكثر واقعية، فعلى سبيل المثال على الطلاب أن يطلبوا من الروبوت الدوران أو جلب شيء ما، لكنهم إذا ارتكبوا أخطاء في البرمجة فإن الروبوت سيفشل في إنجاز مهمته.
إعطاء معنى للترميز
وينقل الكاتب عن ستيفان برونيل، أستاذ العلوم الهندسية ومنظم مسابقة "روبوكاب" (أكبر مسابقة للروبوتات في العالم تضم 450 فريقًا 90% منهم من أطفال المدارس)، قوله "على المشاركين تصميم روبوتات تلعب كرة القدم أو تقدم عرضًا أو تنفذ مهام الإنقاذ لإضافة معنى للترميز".
ويضيف الكاتب أن الروبوتات تسهّل التعلم بل تجعله ممكنًا من خلال الحضور بدلًا من الطلاب. وفي هذا السياق يقول فرانك أنجو، الرئيس المؤسس لشركة "أكزيما" المتخصصة في تصنيع الروبوتات الذي وقع عقدًا مع نظام التعليم الوطني في فرنسا لتزويده بنحو 500 آلة، "إن هذه الآلات توفر للطلاب المعاقين أو المرضى القدرة على عدم تفويت الفصول الدراسية".
ويتابع فرانك أنجو "من منزله أو المستشفى يتحكم (الطالب) في صورته الرمزية باستخدام عصا القيادة، حيث يمكنه تحريكها، وبفضل إشارة ضوئية يمكنه طلب الكلمة في الفصل".
ويذكر الكاتب أنه يمكن للروبوت أيضًا أن يؤدي دور مساعدٍ للمعلم، حيث يقول ديدييه روي عضو المعهد الفرنسي للأبحاث في علوم الحاسوب والتشغيل الآلي (إنريا) "يمكن للروبوتات ذكر التاريخ كل صباح، كما يحدث أحيانًا في كوريا الجنوبية، أو الإجابة عن الأسئلة الموسوعية للطلاب، أو تقديم أنسب سلسلة من التمارين بمساعدة الذكاء الاصطناعي".
روبوت بدلًا من المعلم؟
لكن هل هذا يعني أن الروبوت الذي شُري مقابل بضعة آلاف من اليوروهات يمكن أن يحلّ في يوم من الأيام محل الأستاذ؟
في هذا الشأن، لا يعتقد ذلك ديدييه روي، المدرس الثانوي السابق، حيث أوضح أن "الطالب يحتاج إلى الشعور بأن معلمه يثق بقدراته ويريد متابعة تقدمه"، في حين تؤكد ذلك مارجريدا روميرو أستاذة علوم التربية بجامعة "نيس"، قائلة إن "بعض الروبوتات قادرة على التعرف على مشاعر الطلاب وقياس مستوى انتباههم، ولديها أيضًا ميزة القدرة على تكرار تعريف بعض المفاهيم من دون كلل، ويمكن أن تعطي للطالب انطباعًا بأنه لا يخضع لأي رقابة أو سيطرة. لكن في النهاية، المعلم هو الذي يصنع الفارق، لذلك تعدّ مهنة المعلم واحدة من المهن التي تصعب أتمتتها".
وينقل الكاتب تحذير الخبيرة ماري كارولين ميسير التي تقول إنه "من خلال تقديم الروبوتات على أنها تهديد للمهنة، فإننا نجازف بحرمان المعلمين والطلاب من مساعد ثمين في التعلم".
ولفت الكاتب إلى أنه رغبةً في تعزيز تعلم اللغة الإنجليزية، سرَّع التعليم الوطني في المدة الأخيرة نشر "الكابتن كيلي" في المدرسة الابتدائية، وهو مساعد صوتي قادر على الإجابة عن أسئلة الطلاب، يشبه مساعد غوغل (أليكسا)، وقد أدى الروبوت دورا في "تعويض نواقص بعض المعلمين".
خوارزميات للتكيف مع احتياجات الطلاب
وينوّه الكاتب إلى ما يقوله تييري دي فولبيلييه، العضو المنتدب والمؤسس المشارك لشركة "إيفيدونس.ب" الخاصة، بخصوص مناهج شركته، "تُطوِّر شركتي مناهج، لا سيما في الرياضيات، تقوم على التعلم القائم على التكيف. من خلال مجموعة متكونة من نحو 5 آلاف تمرين، تجعل من الممكن للخوارزميات التكيف مع احتياجات كل طالب، وذلك بتقديم العناصر الأكثر قدرة على مساعدتهم على التقدم في بعض المواد".
ويضيف أن الخوارزميات "بمرور الوقت تقوم بتبتقسيم الطلاب إلى مجموعات وفقًا لملفهم الشخصي، وتجعل من الممكن تحديد البرامج الدراسية ذات الأهمية لهم".