أعلنت قطر الثلاثاء أنها وقعت اتفاقية مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) لتزويدها الغاز الطبيعي المسال لمدّة 27 عامًا، في ثاني اتفاقية طويلة الأمد مع الصين في أقلّ من عام.
وتشكّل الدول الآسيوية (الصين واليابان وكوريا الجنوبية في المقدمة) السوق الرئيسية للغاز القطري، الذي تهافتت عليه الدول الأوروبية بشكل متزايد منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “قطر للطاقة” وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي خلال مؤتمر صحافي عُقد في الدوحة، إن بموجب الاتفاق “ستورد قطر أربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي إلى الصين على مدى 27 عامًا”.
وأضاف “هذه ستصبح ثاني اتفاقية بيع وشراء للغاز الطبيعي المسال إلى الصين ضمن مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي”.
وكانت قطر وقّعت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مع شركة النفط الصينية العملاقة “سينوبك”، اتفاقية مماثلة لتزويدها أربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي لمدة 27 عامًا. واعتُبر العقد آنذاك “الأطول في تاريخ صناعة الغاز المسال”.
وأعلن الكعبي الثلاثاء توقيع اتفاقية أخرى لبيع وشراء أسهم تنضم بموجبها مؤسسة البترول الوطنية الصينية “إلى عائلة الغاز الطبيعي المسال في قطر شريكًا في مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي”، أحد جزئَي أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.
وأوضح أن بموجب هذه الاتفاقية ستحوّل قطر للطاقة إلى شركة CNPC، “حصة تبلغ 5% من ما يعادل خط إنتاج مكافئ واحد من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي بسعة ثمانية ملايين طن سنوياً”.
وفي نيسان/أبريل، أصبحت “سينوبك” أول مجموعة آسيوية تحصل على حصة 5% في مشروع قطر لتوسعة حقل الشمال الشرقي.
وتعمل قطر على مشروع توسيع حقل الشمال، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم والذي يمتدّ تحت مياه الخليج حتى الأراضي الإيرانية ويضمّ حوالي 10 بالمئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، بحسب تقديرات شركة “قطر للطاقة”.
ويُتوقع أن يساعد المشروع الذي تقدّر قيمته بـ28,75 مليار دولار، قطر في زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60 بالمئة ليصل إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027.
ويعتبر الباحث بن كاهيل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، أن “قد تكون قطر للطاقة تملك أكثر من 60 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال غير المتعاقد عليه، بين توسعة حقل الشمال بجزئيه الجنوبي والشرقي والعقود التي تنتهي مدّتها”، لذلك فإن “هذا النوع من الصفقات الطويلة الأجل والكبيرة الحجم هو بالضبط ما تريده الشركة”.
علاقات “متميّزة”
وخلال مراسم توقيع أُقيمت في الدوحة الثلاثاء، رحّب الكعبي بـ”العلاقات الثنائية المتميّزة بين جمهورية الصين الشعبية ودولة قطر”.
والصين أكبر زبون للغاز الطبيعي المسال في قطر وأحد أكبر مستوردي موارد الطاقة في العالم.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول الوطنية الصينية داي هوليانغ إن التعاون في مشروع حقل الشمال الشرقي يمثل “تحقيق هذا الإجماع الاستراتيجي بين قادة الدولتين” و”أساسًا متينًا للتعاون في مجال الطاقة بين الجانبين في العقود الثلاثة القادمة”، وفق ما نقل عنه بيان “قطر للطاقة”.
تُعد قطر أحد المنتجين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا.
وتسعى الدولة الخليجية الثرية إلى إبرام عقود طويلة الأجل في خضم عمليات التحول إلى موارد الطاقة النظيفة، خصوصًا مع الدول الأوروبية التي امتنع معظمها عن ذلك رغم سعيها إلى إيجاد بدائل عن موارد الطاقة الروسية.
ويرى الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج جاستن ألكسندر من مجموعة “خليج إيكونوميكس” الاستشارية أن “الطلب القوي والطويل الأمد” من جانب الدول الآسيوية على الغاز القطري، “قد يحفّز المشترين الأوروبيين على المضي قدمًا في المفاوضات لضمان أمن الإمدادات”.
ويوضح لفرانس برس أنه “من المحتمل أن يكون هناك بعض الأخذ والعطاء، وقد نشهد على قبول قطر بعقود قصيرة الأجل (كما فعلت مؤخرًا مع بنغلاديش) وبمزيد من المرونة في التسليم” مقابل آلية تسعير محدّدة.
وأثناء توقيع اتفاقية مع بنغلاديش لتزويدها بالغاز لمدة 15 عامًا مطلع الشهر الحالي، قال الكعبي “سنوقع صفقات أوروبية بعد الصيف”.
وكان قد حذّر الكعبي في أيار/مايو من أن “الآتي أعظم” بالنسبة الى أوروبا على صعيد موارد الطاقة، في خضمّ حملة لإبرام المزيد من الاتفاقيات مع الدول الأوروبية.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت قطر أولى صفقاتها الكبرى لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا، لتزوَّد بموجبها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، بمليونَي طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا على مدى 15 عامًا على الأقل، بدءًا من 2026.
(أ ف ب)