كُنت قد تناولت موضوعا لسيدي علي بلّعمش وجدْتُني مُرغما على تناوله! رغم ما أحضره من مُحرمات في وجبة اقتات عليها وعصر من فرثها ودمها ... ليخرج كُرها خالصاً في بياض ناصعٍ يكشف سريرة الشقاء ومنعرجات التحول الآدمي ومستوياته وفق منهج الضّعف والقوة؛ والضعف والشّيبة الذي جاء به القرآن ... تلك التحوّلات التي لا تأخذ الجانب السّمتي والفسيولوجي فحسب، بقدرما تسيطر أساسا عبر مساراتها على الجوانب العقلية والإدراكية، فتولد ضعيفة وتبدأ في الاستقواء وفق منحنيات تحركها عوامل معقدة، ما تفتأ أن تنزل باكرة لتختزل فترة ذهبية من عمر الإنسان هي مرحلة الرّشد فتولد بعض المخلوقات ضعيفة الإدراك وتموت ضعيفةً!
معظم هذه الأصناف تحيى غائبة! لكأن قوة ناصحة خفية، باحت إليها بالضّعف، وبعضُها يصدر فراقع صوتية جرّاء انفجار بالونات الضعف أمام حياة قاهرة لأن التعويض "البايلوجي" يفرض على الكائنات إظهار مواهب جميلة وبعضها يحرم من كل هذا وذاك، وهو ما يفسره بعض الناس بتحاليل تخطئ وتصيب فيقولون: أشر الناس ذو العاهات ...
أدمن الرجل على تحضير جرعات الذم وإعداد أطباق الهجاء كما تدمن الخلايا العصبية على كؤوس الخميرة فصار هذا الخليطُ طبقه اليوميَّ المفضلَ؛ يُحضره أنّى تلقى "حَوالة" مالية من ثُلة المخرِّبين المُقيمين خارج البلاد، عن طريق صرافة "تيولا" بسوق "سانديكا" بداكار.
لم يرق حدس "الرّجل" ولم يدرك أنه بأباطيله وهذيانه ومُوائه إنما يمثل رحلة قطٍ صغير يأكل مما يعافه الكلاب، وينطق بمواء ملحونٍ بعد ما أعيى الكلاب النُّباح خلف سفينة تمخر عباب البحر بهدوء يثير أزيزها سكون البحر فتتلاطم أمواجها لتَنفث زخاتٍ تهلك كلبا إن تتركه يلهث وإن تحمل عليه...
حلم المسعورون أن مهرجان النٌصرة سيكون بدايةً لثورة لا تبقي ولا تذر، كما حلموا من قبلُ أن شائعة تدنيس المصحف ستكون بدايةً لإشعال الفتيل! هي أحلام واهية وأمانٍ موغلة في الحقد والضغينة والإنكار!
أراد المرجفون في المدينة ومن حولهم أن يقفوا أمام أي تفكير في عمل وطني باقٍ لهذا الوطن وأهله، اصطادوا في كل المياه، ولمّا أدركوا أن أهل الوطن مولعون بأمنه، قادرون على تمييز الخبيث من الطيب ومستعدون في الوقت نفسه لحماية مكتسباتٍ لن تتكسر على أيدي شرذمة يقودها بعض الفاشلين في التحصيل الدراسي والفاشلين في زكاة أموالهم وأنعامهم والفاشلين في الاستعداد ليوم تشخص فيه الأبصار ...
كم مرة ترأست البلاد جامعة الدّول العربية؟ وكم مرة ترأست الاتحاد الإفريقي؟ وماهو عمر الدبلوماسية الموريتانية؟
متى كان للبلاد مطارٌ يتّسع لمليوني راكبٍ سنوياً؟ ومنذ متى كان ذلك مطلباً ملحاً؟
كم مرّة تدخلت قوات الأمن والقوات المسلحة لصالح حفظ السلام في إفريقيا بطلب من هيئات أممية أشادت بأدائها؟ وماهو عُمر قوات أمننا؟
متى كانت السجون الموريتانية خالية من أي سجين رأيٍ؟ وماهي أعمار السجون عندنا؟
متى كانت بالدّاخل جامعات علمية ودورٌ للبحث؟ وماهي أعمار مدننا؟
متى تمكنّا من الوصول إلى معظم مُدننا عبر طرق مُعبدة؟ وماهو عمر هذه المدن؟
ومتى تم تخطيط أحياء الصفيح؟ ومنذ متى كان ذلك طلباً ...
هي أسئلة كثيرة تُحينها إرادة الإصلاح التي أُسست لبعث موريتانيا كما يريد لها المخلصون، وبأجوبة موضوعية عن تلك الأسئلة التي ستفشلون في الأجوبة عنها ستتأكدون أن أحاجيَكم لن تثني العمل الدؤوب الذي يقوده رئيس الجمهورية، عن طرح أسئلة أخرى ستكلفكم الردود عليها أعماركم لأنه لن يبقى أمامكم إلاّ الانتحار، فالحق يُنطقها ويخرس المتاجرين ببُطونهم على حساب أمة تهتف بالحق.
لن يصدقنا كائن من كان وكائن ما كان، إذا افترضنا أن هذه الثُّلة الموجودة خارج البلاد، هي من يُناصر نبيّ الحق وإمام الخلق؛ محمد صلى الله عليه وسلم، ولن يُستساغ لأي أحدٍ أنهم من يسعوْنَ إلى إسعاد أهل هذه الأرض الذين أدركوا أن الثلة ومن على مِلتها من المفسدين هم من أحرقوا الحرث والزرع، وأتلفوا الثمرات وهم من يتباكوْن على عهدهم ألا بُعداً لعهدهم عهدُ قومٍ ظالمين.
هل يضر الأسود أن نبح الكلاب؟ وهل يضر الصبح أن نام المتخلفون؟
الأرض بعد هجرهم خصباء ما افتقدتهم محابر ولا محارب، ولا دورٌ يُذكر فيها اسم الله ... وهل يفتقد اليم صغار السمك؟ وهل تبكي الأرض على غير العظماء؟
الكتابة مهنةٌ كيسةٌ والكاتب إنسانٌ متمكنٌ من نواصي الكلمِ يوجهه حيث شاء؛ لينتج كلاما مفيدا ينفع الناس، وليس الكاتب من يرتب كلمات تعج بمفردات الحقد والضغينة، وليست الكتابة مادة تغنى على وقع الهزيمة وأنغام الشقاء، أما الأسلوب المبنيّ على "النّسخ واللّصق" فهو أسلوب الضعفاء والفاشلين، فإذا لم يبدع الكاتب في كلماته فلن يبدع في تصوره للأشياء وفي فهمه لمغازي الأمور ودلالاتها وسيبقى حبيس تفكير مَمليٍ وفكرٍ غير سويٍ، ولن يقوده الولع بالكُتاب والفلاسفة الكبار إلاّ إلى الزّيغ والفسوق، فلأن الفلسفة بحر مخالفٌ للبحور يجد السابحون في لججه وأعماقه الأمن والإيمان والمارُّون بسواحله وشواطئه الزِّلل والحرمان؛ كانت حراما على أمثالك من صغار العقول من الكائنات البشرية تأمينا لاستعدادٍ ذهني قدر أن يكون قاصراً.
رأيي أن تنضم إلى إحدى فرق "الرَّاب" حتى تكشف عن حقيقتك التي آليت أن تكشف عنها، مَدِينا في أقصى الشرق من بلاد العرب، مُدانا في محاكم الحق في أقصى الغرب من بلاد العرب ومَدينا مرةً أخرى ببث المَكر والمُنكر لثلة قليلة قررت أن تقيم خارج البلاد.
وأنصح الثُّلة أن تعزف معك علناً على أوتار الحقد، وأن يرقص أفرادها معك من دون ستار، حينها تكون الفرقة اللاّمعة "غرباء البلاد" من "أبناء البلاد" أدوا الدَّور من دون خجل ولا ستار، وحينها يتحدد الفرق بين غرباء البلاد أبناء البلاد، وغرباء الأمة الذين رحَّم عليهم نبي الأمة لأنهم يُحْيُون من السنة ما أماته الناس.