قراءة في كف الإنصاف

أربعاء, 08/03/2023 - 18:45

لا أريد أن استبق الأحداث لما قد يجر إليه استباقها من عدم تحري الصدق، ولا أريد كذلك أن ارجم بالغيب، إنما تظهر بعض تفاعلات السياسة الوطنية عموما، والمحلية على وجه أخص؛ أن مستوى النضج فيها يبدو ضعيفا، أو أن الآنا فيها تغلب على المصلحة الحزبية، وتغلب على مصالح الجهة والمقاطعة والقبيلة.

 

قد لا تختص بهذا جهة معينة، ولا مجتمع معين، لكنه يغلب على تعامل من عايشتهم، وخبرت تعاملاتهم في السياسة خلال مواسم سبقت، وتبدو الحالة الآن أشد، رغم ما يراد لها من لدن رأس النظام، وما يدعو إليه حسب مبعوثيه، في كل خرجة الإعلامية.

 

والمتابع للأحداث وللنشاط التحضيري للاستحقاقات القادمة سيدرك دون صعوبة -إذا كان من أهل النباهة- أن الأمور تتجه إلى غير ما يراد لها، وغير ما يجب أن تتجه إليه، وذلك لأن اللجان الحزبية المشرفة على اختيار المرشحين في قراراتها التي تخرج للعلن، والأخيرة منها على وجه الخصوص، يظهر منها تخوف كبير من عدم الانضباط الحزبي، ويظهر أيضا مدى هشاشة الوسائل، وضعف التخطيط لما قد يواجهها عند الإفراج عن لوائح الترشيحات داخل الحزب، حزب (الانصاف).

 

ليس تهويلا ولا هو تمنيات بشأن ما قد يحدث، لكنه سيحدث إذا لم تتبع فيه منهجية تعتمد أساسا لها الانصاف، ويقتضي ذلك انصاف بعض المجموعات في بعض الأماكن التي يكثر فيها تواجدهم، ويعتمد كذلك اشراك النخب، واشراك شخصيات مؤثرة في حيزها، والابتعاد بها عن الأطر التقليدية التي لم تستوعب تشكلات المشهد الجديد، والتي سامت الناس في الماضي سوء التعامل، وعدم التعاطي، والأنانية في تسخير وسائل الدولة، ومحاولة قص أجنحة الطامحين إلى المشاركة الجادة في تسيير المصالح الحيوية، وابعاد أصحاب الكفاءات عن الأضواء، والسعي إلى شغل ساحة التنفيذ بمن لا يظهر عجزهم، ونقص كفاءتهم في التسيير، ليبقى ما كان على ما كان، ومحاولة منها لإقناع النظام بل الأنظمة كلها أنها وحدها من في الساحة، وهي وحدها من تملك وسائل الاستقطاب والتأثير، ولو كان ذلك على حساب النمو، وعلى حساب تفعيل برنامج رئيس الجمهورية.

 

يؤسفني أن أتنبأ بما قد يحدث إذا أفرج الحزب عن لوائح مرشحيه بالشكل الذي يلوح في الأفق، ويؤسفني أن أخبر بأن ذلك سيكون بمثابة قتل للانصاف، إذا لم يكن هنالك تخطيط مسبق لتحويل القوى الحية إلى وجهة أخرى يريدها النظام، وإلى قتل الانصاف بذلك قتلا رحيما، وتشييع جنازته وتجهيز موكبه بتكلفة أخف، ولكي يكون صرف مناضليه إلى الوجهة الجديدة أقل تكلفة، وحين يستوي؛ يصرف مكافأة التوظيف لمن لم يسعه الترشيح من اللاعلين الجدد.

 

وإنه ليظهر للعيان؛ أن تحالف الأطر القديمة منفر، وحائل دون استقطاب الفاعلين الجدد، ويظهر على شكل مساع غير بريئة لقطع الطريق على الرواد الجدد، وحائل دون ضخ دماء جديدة في السياسة المحلية، دماء ذات وسائل تختلف مع الوسائل القديمة، قوامها لملمة الشتات وبذل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.

 

وإنه إذا لم تؤخذ هذه المعطيات مجتمعة بعين الاعتبار؛ فإن الأمر قد يخرج عن السيطرة، أو أنه سيكلف تكلفة باهظة حتى يعاد إليه التوازن من جديد وبصعوبة بالغة أيضا، وأذكر هنا بقوله تعالى : (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)

أبي ولد محفوظ