لم يكن قدحي بعود ثقاب في صدور القوم متعمدا، لكن خرقة مشبعة بالبنزين كانت تلف الصدور دون أن أعلم.
وقد قدحت عليها بهدف الإنارة فتسرب لهيب الاحتراق وخرج عن السيطرة، فأصبحت المذنب في لحظة، ودون شعور أو قصد.
كتبت في يوم 3 نوفمبر 2022 بعنوان (أهل الطالب أحمد ول الحاج ألمين انعدام الطموح أم نقص الآليات) وقد بلغني استياء البعض من ذلك، فحسبته لحظة عابرة تنتهي ببعض التفكير المنصف في الموضوع، وبعض المحاسبة للنفس، وبعض الإنصاف، لكن الأمر لم يقف عند ذلك الحد.
عاد ذكر الاسم على لساني في إجتماع سياسي حسبته -خطأ- يتسع للرأي والرأي الآخر، في معرض بيان اختلال في الموازنة والحسابات في ميزان السياسة بالمدينة، وربما سبب ذلك نكأ لجرح قديم في صدور بعض الحاضرين، وقد حاولت -عبثا- ردهم للسياق الذي يرد فيه ذلك الذكر، لكن يبدو ذلك دون جدوى، وقد جوزيت بسرعة بكلام جارح، وتهديدات ضمنية وكأنني في مواجة عدو.
هو ضيق فهم للأمور ، أم حرقة حقد وكراهية اتجاه القوم، أم محذورات سياسية، أم ردة ديمقراطية ارتكبتها؛ لست أدري.
المؤكد أنني جوزيت جزاء عاجلا بالاستبعاد على هذه -الجريرة- التي ما كان أن تبلغ هذا المبلغ لو لم تكن الأمور ملغومة، ولو لم أتحدث بسطحية وعفوية، لكن الأمر كان أعمق من ذلك بكثير على ما يبدو.
ترجم ذلك عمليا بتقديم أسماء للحزب عن المقاطعة، كأنها تمثل الأحلاف المنضمة لبعضها بعد ميلاد عسير يطبعه طغيان الآنا، والصراع الداخلي الذي كاد يفتك بالاتفاق قبل ميلاده؛ في الرؤية الجديدة التي ادٌّعِيَ أنها جاءت تجسيدا لرغبة الحزب أو هي إظهار لذلك في الظاهر على الأقل (نبذ للخلاف) لكن ذلك لم يكن -في دوافعه الظاهرة- إلا تعميقا للشرخ في حقيقته، في إشارة واضحة لاحلال لعنة الماضي بكل من كان في فلك واحد مع الوزيز الأول السابق يحي ولد حدمين -أقال الله عثرته، وأخرجه من محنته مرفوع الرأس- ومحاسبة عسيرة تترجم ثقافة قديمة كنا نحسب أن زمنها قد ولى إلى غير رجعة، وقد أخطأنا التقدير في ذلك على ما يبدو.
ومن هنا سيكون -إنصافا- أن أجزى بقدر جريرتي، وأن أتحمل تبيعاتها، وأتحمل كذلك جزائي المعجل هذا؛ بكل صبر ويقين، وسأذكر أنني انتمي للقوم ولو كان الانتماء إليهم في هذا الظرف جرما يستحق صاحبه أن ينفى من مدينة ولد بها، وتربطه بها كل آصرة للانتماء، وله فيها ركن شديد؛ ولو قيل في وجهه: ...اخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون.
تسجيل موقف