العظماء يحيون يوم يموتون..!! (الصوفي ولد الشين نموذجا)

أربعاء, 15/02/2023 - 11:31

في تاريخ الأمم والشعوب هناك رجال عظماء صنعوا التاريخ وغيروا مجرى حياة الشعوب والأمم؛ قد يكونون مطمورين أثناء أيامهم القصيرة في دنيا الناس؛ ولكن ما إن يسدل

 الستار على أعمارهم القصيرة ؛ التي غالبا ما لا تطول حتى تظهر عظمتهم ومكانتهم في نفوس المجتمعات.

نعم إن المرحوم الصوفي ولد الشين أحد أولئك العظماء؛ لم يكن الكثيرون يعرفون هذا البطل الشهم؛ إلا حينما أعلن عن عملية قتله بوحشية في إحدى مخافر الأمن.

 إن المرحوم بخطاباته الوطنية وبما بثه من روح الإخاء والمحبة والوحدة داخل صفوف المجتمع وما عمل على خلقه من وحدة ووئام ولحمة اجتماعية؛ ألهم آلاف الموريتايين بل كل الموريتايين ؛ فلم تكد تسجيلاته الصوتية ومقاطع الفيديو التي تداولها رواد التواصل  الاجتماعي تصل الضمير الجمعي الموريتاني حتى تداع الجميع إلى نصرته ومؤازة قضيته والوقوف إلى جانب أسرته الكريمة؛ فأصبحت موريتانيا كلها هي أسرة الشهيد المغدور الصوفي ولد الشين.

نعم لقد صدق الرجل مع الله -أحسبه كذلك ....- ومع وطنه ومجتمعه وهو حي؛ وذلك من خلال حرصه الدائم على الوحدة الوطنية وتعزيز اللحمة الاجتماعية ونبذ دعوات العنصرية والفتنة؛ بين أبناء الوطن الواحد فأراد الله أن يستجيب لسعيه في توحيد كل الموريتايين على قلب رجل واحد؛ وذلك يوم أن مات مغدورا.

لقد وحد الموريتايين حادث مقتله مرتين؛ مرة حين وقفوا ضد الظلم والقتل، ودفع ذلك بتحقيق العدالة وجر الجناة إلى المحكمة وإحقاق الحق؛ ومرة حين التفوا جميعا خلف الصوفي رمز الشهامة والنضال السلمي وسفير السلم والسلام؛ وليست الجموع التي رابطت أمام المستشفى الذي يوجد فيه جثمانه للضغط من أجل كشف حقيقة مقتله إلا دليل على ذلك؛ وكذا الوفود التي  قدمت فرادا وجماعات من مختلف مكونات المجتمع المدني؛ من أئمة وقادة رأي إلا دليل على أهمية  الرجل في الذاكرة الجمعية للمجتمع.

 

كما أن حضور عشرات الٱلاف من الموريتانيين الصلاة عليه في جامع ابن عباس وتشييع جنازته؛ إن دل على شيء إنما يدل على أن الموريتايين محزونين على فراق أيقونة النضال الحقوقي السلمي؛ الذي لا بذاءات لفظيفة فيه ولا متاجرة بأي شريحة من شرائح وطننا الحبيب.

 

رحمك الله أيها الشهم الصوفي ولد الشين لقد وحدت الموريتايين على كلمة سواء حيا وها أنت توحدهم ميتا...!، "لو كان غيرك من "حقوقيي الشرائحية"، وإثارة الفتنة؛ ما حضر لجنازته أحد ولما لقي من الزخم الإعلامي والإهتمام الوطني؛ مالقيته أنت ، ذلك لسبب بسيط؛ لأنك أنت تمثل كل الموريتايين ولا تمثل شريحة بعينها؛ لأنك تمثل المستضعفين والمهمشين من كل شرائح وطننا الحبيب.

 

نم قرير العين فلقد أثلجت صدورنا حيا وميتا؛ في حياتك عندما وقفت سدا منيعا أمام الخطابات المتطرفة مذكرا بأواصر القربى والأخوة والدين لكل مكونات هذا الشعب المسلم المسالم ؛ الذي هو أمة بعضها من بعض؛ وأثلجت الصدور عند موتك بأن وحدت الموريتايين على المحبة والسلم ونبذ العنف والكراهية؛ ورددت على الحاقدين ؛ والكائدين والأعداء المتربصين في الداخل والخارج؛ كيدهم في نحورهم فرجعوا خاسئين خائبين لم يجدوا للفرقة ولا الفتنة سبيلا يسلكونه.

 

 حقيق؛ على كل الموريتايين أن لا يتركوا دمك يذهب سدى فالعدالة في تقديم الجناة إلى المحاكمة هو رهان الجميع وهو المطلب الملح الذي ينتظره الجميع؛ وفاء للمرحوم ولأسرته الكريمة ولدعاة السلم والوئام الإجتماعي.

 

الكاتب؛ احمد جدو ولد محمد عمو