الأجواء الاستثنائية التي تجري فيها بطولة كأس أفريقيا للاعبين المحليين في الجزائر من حيث التنظيم والحضور الجماهيري ونوعية المرافق والملاعب التي تحتضن المباريات، خلطت أوراق الاتحاد الافريقي لكرة القدم قبل اعلانه عن البلد المنظم لكأس إفريقيا للأمم 2025 الشهر المقبل بعد تجريد غينيا منها، والتي يحتدم فيها التنافس بين الجزائر والمغرب، خاصة منذ انتشار تسريبات في الجزائر تتحدث عن فوز المغرب بتنظيم الحدث قبل تقديم الملفات ودراستها، وقبل شروع لجان التفتيش في زياراتها للبلدان المرشحة والتي كانت مقررة الشهر الجاري، ما وضع الهيئة القارية في موقف حرج وقلب موازين المعادلة التي صارت متكافئة بين بلدين يستحقان فعلا تنظيم الحدث بحكم نوعية المرافق والبنية التحتية المتطورة التي يتوفران عليها.
انبهار رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) جاني إنفانتينو ورئيس الاتحاد الأفريقي باتريس موتسيبي وأعضاء اللجنة التنفيذية للكاف بما عاينوه ولمسوه من قدرات تنظيمية كبيرة أثناء بطولة اللاعبين المحليين الجارية في الجزائر يجعل الاختيار أمرا صعبا ومعقدا في نظر الملاحظين، كما أن تراجع المنتخب المحلي المغربي عن المشاركة في دورة الجزائر بحجة رفض السلطات الجزائرية السماح للطيران المغربي عبور الأجواء الجزائرية المغلقة منذ أكثر من سنة بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية منذ أكثر من سنة، يرجح كفة الجزائر التي لم تنظم البطولة منذ أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن تمكنت من إنجاز أربعة ملاعب جديدة في وهران وتيزي وزو والعاصمة، وتمكنت من إعادة تهيئة ملاعب عنابة وقسنطينة وخمسة جويلية في الجزائر العاصمة، ما قاد باتريس موتسيبي الى التعبير عن فخره البارحة بنجاح الجزائر في تنظيم أفضل نسخة في التاريخ.
المغرب من جهته يملك كل المقومات والقدرات التي تسمح له باحتضان البطولة، وهو الذي يتأهب لتنظيم كأس العالم للأندية بداية فبراير، لكن ذلك لا يرفع الحرج على الاتحاد الافريقي المطالب بالاختيار الموضوعي لأفضل ملف، وفي نفس الوقت تجنب الشبهات التي أثيرت في الفترة الماضية، والضغوطات التي مارسها الإعلام الجزائري عندما أعلن أن الاختيار وقع على المغرب قبل الأوان في كواليس الاتحاد الافريقي الذي صار يسيطر على هياكله ويتحكم في قراراته الطرف المغربي منذ عهد الرئيس السابق الملغاشي أحمد أحمد الذي أعلن صراحة في تصريحات صحفية لراديو فرنسا الدولي منذ أيام أنه تعرض لضغوطات كبيرة أثناء ترأسه للهيئة القارية من أطراف لم يذكرها، قال عنها أنها استحوذت على كل هياكل الاتحاد واشترت ذمم بعض أعضائه.
وفي حالة اختيار المغرب لتنظيم بطولة كأس افريقيا 2025، فإن أعضاء الاتحاد الافريقي يؤكدون بذلك التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام الجزائرية، ويشكك في نزاهة الاختيار حتى وان كان المغرب يستحق ذلك، ما يجعل من ترجيح كفة المغرب أمرا صعبا تجنبا للشبهات والانتقادات التي ستطال الهيئة القارية التي فقدت مصداقيتها في عهد الكاميروني عيسى حياتو والملغاشي أحمد أحمد، وفقدت حتى سلطة قراراتها عندما تم تعيين باتريس موتسيبي رئيسا للكاف من طرف إنفانتينو في الجمعية الانتخابية الأخيرة التي احتضنتها المغرب، التي تم فيها توزيع المناصب والأدوار بين المتحكمين الجدد في الاتحاد الافريقي، رغم محاولات الرئيس الجديد إثبات وجوده والتنصل من الممارسات المشبوهة للوبيات التي تحيط به وتحاول توريطه.
أما في حالة اختيار الجزائر فإن الحرج يكون مضاعفا لأن البعض سيقول أن أعضاء اللجنة التنفيذية استسلموا للضغوطات الاعلامية الجزائرية، أكثر مما يقال أن الملف الجزائري قوي ومقنع، وأن التنظيم المتميز لبطولة المحليين الجارية حاليا كان أمرا محفزا ومشجعا، وعندها ستبقى الهيئة القارية عرضة للانتقادات من الطرفين، ومع ذلك ما زلت من بين أولئك الذين يعتقدون أن الأمر حسم في الكواليس منذ زمن، والمغرب سينظم بطولة 2025، ونيجيريا وبنين 2027، بينما سيتم اختيار الجزائر لاحتضان نهائيات 2029.
حفيظ دراجي
إعلامي جزائري