الشرطة الجرائم السبرانية تستدعي عضو في لجنة حقوق الإنسان

أربعاء, 23/11/2022 - 17:44

اتصل بي متصل قبل دقائق ليبلغني أن شرطة الجرائم السبرانية تستدعيني في مقرها الواقع بالإدارة العامة للأمن الوطني.

كنت قبل أيام قليلة قد صرحت  لبعض وسائل الإعلام الأجنبية ودونت على جدار صفحتي هنا، بأن ردود بعض "القضاة" على تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، لدليل قاطع على دقة الملاحظة ووجاهة التوصية اللتين أوردتهما اللجنة في تقريرها، واللتان تنصان على أن بعض القضاة يحتاجون للتكوين، ثم أتبعته بأن الناظر إلى بيان نادي القضاة -وهو منظمة غير حكومية- ليَخال أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان انتقدت في تقريرها أداء القضاة البريطانيين.

إن محاولة الجهة المحركة للدعوى تصفية حساباتها مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وابتزازها باستخدام نفوذها في القضاء، لن يثني اللجنة عن القيام بالمهام الموكلة إليها.

وإن الكلام الجارح واللامسؤول والمشخصن، الذي وجهه بعض القضاة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان على صفحاتهم، ليشكل بحد ذاته جرائم سبرانية وانتهاكا لواجب التحفظ، وخرقا لآداب القضاء في الإسلام، وقيّم القاضي في كل الأصقاع والنِّحل، التي تتطلب مستوى من الكياسة والأناة و"الثمورية" وعدم "الخفة"، تجعل القاضي "ما تشيلو الريح" ولا يطير مع كل زوبعة، ولا يفقد توازنه مع أول موجة.

إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان نصت في تقريرها "المديمن" أن بعض القضاة يحتاجون لبعض التكوين، ولا أدلّ على حاجتهم للتكوين ودراسةِ القانون، من جهلهم بالقانون النظامي للجمهوية الإسلامية الموريتانية رقم 16/2017 الذي تنص مادته 14  بما يلي: " لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أو البحث عنه، أو توقيفه، أو اعتقاله، أو محاكمته، بسبب ما يدلي به من آراء أو تصويت أثناء ممارسته لوظائفه حتى بعد انتهاء ممارسته هذه الوظائف.

وخلال ممارستهم لمهامهم لا يتلقى أعضاء اللجنة أي تعليمات من أي سلطة كانت".

إنني أفهم التكوين السوسيولوجي والسيكولوجي والبيداغوجي لبعض القضاة؛ وهذا الفهم يجعلني أتفهم منحاهم السلوكي، لكنه لا يجعلني أتفهم الآلية التي أصبحوا بها قضاة يتحكمون في مصائر حقوق العباد، وباعث هروب للإستثمارات من هذه البلاد.

إن هذا السلوك الغريب وغير المستغرب لهو دليل على أن الوقت حان لتنقية حقل القضاء من المتسللين والدخلاء، لتنعم بلادنا بالعدل والطمأنينة والسكينة والأمن، ولمحو الصورة النمطية لدى المواطن عن القضاء في بلاده، ولخلق جو من الثقة بين المواطنين والقضاة؛ هذه الثقة التي هزها وزعزعها وقض دابرَها بعضُ قضاة الصدفة على حساب القضاة الأكفاء العاضين بالنواجذ والظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله، الذين "يبل عليهم لباسهم" كونهم يحملون نفس اللقب الذي يحمله المذكورون آنفا، ويزاحمونهم في المناصب، ويزكمون أنوفهم.

سأغادر مكتبي الآن متوجها صوب إدارة الأمن الوطني، ولم تهتز مني شعرة، ولا يهمني مآل القضية وهل سأغادر ذلك المبنى إلى السجن أم المنزل، ولن أتعزعزع ولن أتزحزح عن قول الحق والصدع به والصدح، وسأبقى مكافحا في سبيل تحقيق العدل، ومنافحا عن حقوق الإنسان، وأعرف أن قلوب منتهكي حقوق الإنسان تكاد تميز من الغيظ عليّ، وسيكيدون لي المكائد، إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

 

عالي محمد ولد أبنو