على مدى آخر ثلاثين عاماً تراكمت معارف البشرية وعلومها ومعلوماتها واكتشافاتها وابتكاراتها بطريقة لا تصدق، وبات اللحاق بذلك ومعرفته، ناهيكم عن فهمه والتعامل معه أمراً بالغ الصعوبة خصوصاً لجيل متوسطي العمر والكهول، أي الفئة بطيئة التعلم، قليلة التواصل مع التكنولوجيا وتسارع تطورها، بعكس جيل الشباب اليافعين، ولعل أحد أروع تلك الاكتشافات كانت مواقع التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا، التي اكتسحت عقول البشر بنفس السرعة التي اجتاحت فيها الهواتف النقالة والكومبيوترات اللوحية والمحمولة أيديهم، فماذا عن أثر ذلك في المجال الرياضي؟
حسابات فردية ومشغلين
كما في كل المجالات خصوصاً للمشاهير فإن وسائل التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا، شكلت سلاحاً ماضياً لا غنى عنه، لكنه كان في واقع الأمر سلاحاً ذا حدين، فلئن حرص كل رياضي مشهور على استخدام تلك الوسائل لنشر صوره وأخباره والتواصل مع معجبيه، وتوسيع قاعدته الشعبية بل والوصول إلى إعلانات تجارية عالية المردود وأحياناً بمساعدة مشغلين مدفوعي الأجر وشركات علاقات عامة، فإن الجانب السلبي تمثل بالمقابل في فقدان النجم لكامل خصوصيته وتعرضه للكثير من الهجمات سواء منها النقدية، أو التقنية، بمحاولة اختراق حسابه وتشويه صورته من طرف بعض خصىومه ومنافسيه، بل سمعنا مؤخراً أن بعض الأندية والمؤسسات الرياضية استخدمت ما يعرف لدى الحكومة وأجهزة المخابرات بالجيش الإلكتروني، أو الذباب الإلكتروني، بهدف تلميع صورتها وتشويه صورة منافسيها، بل وصل الأمر بالبعض إلى حد استخدام هذه الوسائل للضغط على لاعبي الفريق أو اللاعبين المنافسين بهدف إيقاعهم تحت الضغوط النفسية الهائلة والانتقادات بل وحملات التشهير، بقصد التأثير عليهم خدمة لأهداف تعاقدية أو لغايات تنافسية!
فابريتسيو رومانو
هذا الاسم هو لصحفي إيطالي اشتهر على نطاق واسع في السوشيال ميديا وخصوصاً في إيطاليا وإسبانيا وإنكلترا (مع إجادته اللغات الثلاث) لدرجة أن صفحته على “تويتر” و”فيسبوك” واللقاءات معه عبر “اليوتيوب” أصبحت نوعاً من السبق الصحفي المرتقب والمصدر الموثوق والمؤكد لأخبار الانتقالات والتعاقدات والخلافات، على مستوى كبار الأندية واللاعبين والمدربين، بحيث أصبحت عبارة “قال فابريتسيو رومانو” تعادل في أهميتها ومصداقيتها عبارة “أوردت وكالة رويترز” أو ذكرت محطة “بي بي سي” أو “سي إن إن” بالنسبة للصحافة التقليدية والتلفزيونية!
أما عربياً اشتهر اسم آخر وبطريقة أخرى وهو “شرحبيل” ونحن هنا لا نشهر بالشخص لأننا لا نورد اسمه كاملاً، بل لا نعرف إذا كان هذا اسماً حقيقياً أو مستعاراً يتوارى خلفه صاحبه، ويقال إن هذا الاسم يمثل شخصاً أو “مؤسسة” متخفية، بحسابات مستعارة وأسماء وهمية للقيام بحملات محددة لقاء أجر معين، أي ما يشبه جيشاً أو ذباباً إلكترونياً للإيجار، ويقال إن بعض الإعلاميين والمعلقين العرب استخدموا هذه “التقنية” لتلميع صورتهم أو للحط من شأن وقدر منافسيهم وزملائهم لغايات لا يستعصي فهمها، مع الأسف!
حسابات بالملايين
وحسب المصادر الرسمية فإن أكثر رياضي في العالم يملك متابعين في عالم السوشيال ميديا هو النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يحتل المرتبة السادسة بين نجوم العالم في السياسة والفن والاقتصاد والدين والرياضة، وهنا قائمة بأعلى مواقع “تويتر” الرياضية من حيث عدد المتابعين:
1- البرتغالي كريستيانو رونالدو: 103 ملايين متابع.
2-البرازيلي نيمار: 58,4 مليون متابع.
3- نادي ريال مدريد: 44,9 مليون متابع.
4- نادي برشلونة: 44,3 مليون متابع.
5- شبكة “إي إس بي إن” الرياضية التلفزيونية الأمريكية: 42,4 مليون متابع.
أما على منصة “إنستغرام” فتبدو الأرقام أكثر إثارة للدهشة إذ يحتل رونالدو المرتبة الثانية عالمياً لجميع الفئات ويتبوأ المكانة الأولى بين الرياضيين وهنا قائمة الأوائل:
1- البرتغالي كريستيانو رونالدو 366 مليوناً
2- الأرجنتيني ليونيل ميسي 281 مليوناً
3- المصارع والممثل الأمريكي دوين جونسون (ذي روك) 278 مليوناً
4- شركة نايكي للأدوات الرياضة 180 مليوناً
5- البرازيلي نيمار 164 مليوناً
ولكم أن تتخيلوا بماذا تعود هذه الأرقام المليونية على أصحابها من عائدات الإشهار والإعلان وبملايين الدولارات كل عام!
إعلام الحاضر وتلفزيون المستقبل
عندما ظهرت الصحف والمجلات قيل إنها ستلغي الكتب ولم يحدث، وعندما ظهرت الإذاعة قيل إنها ستلغي الصحف والمجلات ولم يحدث، وعندما ظهرت السينما قيل إنها ستلغي المسرح ولم يحدث، وعندما ظهر التلفزيون قيل إنه سيلغي السينما وأيضاً لم يحدث، لكن عندما ظهرت السوشيال ميديا فيبدو أنها ستتكفل بإلغاء كل ذلك تقريباً. وهو بالفعل ما يحدث حالياً، فقد أصبح الهاتف الذكي في يد كل واحد منا بديلاً عن الصحيفة والمجلة ومحطة الإذاعة ودار السينما وقريباً التلفزيون، فمع ظهور منصات رقمية على شاكلة “نتفليكس” و”برايم أمازون” و”ديزني” تحول مفهوم التلفزيون من البث المباشر إلى الأرشيف السايبري وتتم المشاهدة بالاستدعاء على هوى المتابع ورغبته. وحتى متابعة الأحداث الرياضية بدأت تتحول من الشاشات العملاقة إلى الأجهزة المحمولة من هواتف نقالة وكومبيوترات لوحية!
مصطلحات جديدة
وأفرزت هذه الموجة العملاقة من الثورة التكنولوجية مصطلحات جديدة لم تكن معروفة، بل لم نكن قد سمعنا بها قبل بضعة عشر عاماً، وإذا كنت سأقدم تعريباً لها من أجل القراء “المخضرمين” فإن مثل هذه الحركة تعتبر مستهجنة من طرف القراء الشباب لأن استخدامهم للمصطلحات الإنكليزية على هذا الصعيد بات يشبه استخدامنا لعبارة “السلام عليكم “في حياتنا اليومية:
* بوست: منشور
* تويت (أو تويتة): تغريدة
* تريند: صيحة (موضة)
* سناب: مدوية
* مقال على الفيس: مدونة
* بودكاست: مدونة صوتية
* ثريد: سلك أو خيط بمعنى التسلسل أو الترابط
* أكتيفيشن: تفعيل
* كوميونيتي: مجتمع أو مجموعة على السوشيال ميديا
* شير: نشر بقصد المشاركة والإشهار
* لايك: إعجاب (ديسلايك: عدم إعجاب)
* فولو: متابعة
* سابسكرايب: اشتراك
* كومينت: تعليق
* بلاتفورم: منصة
* لينك: رابط
* هوم بيج: الصفحة الرئيسية
* يوتيوبر: شخص لديه موقع أو قناة على اليوتيوب ويوصف أيضاً بأنه صانع محتوى.
* إنفلوانسر: مؤثر (من مشاهير السوشيال ميديا)، وهؤلاء أضحوا نجوماً من نوع خاص!
منصات السوشيال ميديا
بقي لاستكمال هذا الموضوع الإعلامي الرياضي ويبدو أننا في زمان كل شيء فيه جائز، أن نستعرض وإياكم أشهر منصات التواصل الاجتماعي مع مزايا كل منها:
* الفيسبوك: هي الأقدم والأكبر من حيث قبولها لمحتوى يشمل النصوص الطويلة والصور والفيديوهات.
* تويتر: تعتمد على التغريدات المكتوبة باختصار حيث يجب ألا يزيد حجم التغريدة على 140 حرفاً ومن الممكن الاستعانة بالصور والفيديوهات والغرافيكس أحياناً.
* اليوتيوب: أرشيف ومنصة متخصصة بالفيديوهات وأرشفتها.
* الإنستغرام: منصة تعتمد أساساً على عرض الصور الفوتوغرافية مع تعليقات خاطفة أي أشبه بألبوم عملاق للصور.
* تيك توك: منصة لاستعراض الكليبات أو الفيديوهات القصيرة.
وبالطبع هناك وسائل أخرى أقل شهرة وانتشاراً، ومن المعلوم أن كل تلك المنصات تخضع لإشراف وسيطرة تقنية أمريكية بحكم المنشأ والملكية، باستثناء “تيك توك” المملوكة للصينيين الذين يضخون فيها الكثير من المال لتطويرها والمنافسة من خلالها مع أقرانهم. مرحباً بكم في عالم المستقبل!