ينهك ضعف أداء النقل العمومي جيوب ساكنة نواكشوط ممن يضطرون إلى اعتماد وسائل نقل خاصة فردية وجماعية بأسعار غالية وخدمات غير مجزية، مع استغلال حاجة المواطنين من خلال مضاعفة تكلفة النقل وذلك رغم التوسع في سوق العرض ما بين سيارة الأجرة التقليدية وحافلات النقل العمومي والتوكتوك وصولا إلى تقديم خدمة النقل عبر شركات تستخدم تطبيقات الكترونية تزايد عددها في الآونة الأخيرة ومن أسمائها اللامعة "كارب" و"سهديني" وغيرها.
تراجع وانحسار
ووفق مراقبين فإن قطاع النقل العمومي شهد تراجعاً كبيراً على مستوى الأداء وذلك رغم الانطلاقة المشجعة لخدمات النقل العمومي من خلال حافلات أس ت ب ب منتصف السبعينات والتي كانت أول تجربة للنقل العمومي لاقت ارتياحا لدى ساكنة نواكشوط آنذاك رغم أن عدد الساكنة لم يتعد الآلاف ورغم انحسار شبكة النقل الحضري في شوارع قليلة.
لكن التجربة سرعان ما أجهضت لعوامل من بينها تقادم أساطيل الحافلات، وضعف الصيانة، وتضارب السياسات التنموية وحالة النزوح الجماعي نحو العاصمة إبان عقود الجفاف مما خلق ضغطا على المتوفر من الخدمات الحكومية والتي لم يكن النقل العمومي.
وأدى تراجع خدمات النقل العمومي في نواكشوط إلى ظهور محاولات لملء هذا الفراغ من طرف القطاع الخصوصي والتي بلغت أوج إزدهارها في ظل تجربة اتحادية النقل خلال عقد التسعينات..والتي حاولت أن توجد شراكة بين القطاعين العمومي والخصوصي في هذا الوقت المبكر..لكن الخدمة ظلت مسرحا لفوضى عارمة أطلق فيها العنان لكل من هب ودب لمزاولة هذه الخدمة على مستوى النقل الحضري.
وأمام التوسع في استخدام النقل الحضري جرب الموريتانيون إلى جانب سيارات الأجرة عربات التوكتوك ثلاثية العجلات لكن عدم معيارية الطرق، وارتفاع أسعار البنزين قصر التجربة على خطوط بعينها في نواكشوط، وإن هيئت هذه الظروف فرصا أفضل لهذه الوسيلة خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات والتي رفعت أسعار النقل الحضري بأزيد من 50% يعلق أحد السائقين.
تطبيقات إلكترونية
وفي الآونة الأخيرة ظهرت في نواكشوط شركات تقدم تعرض خدمات النقل من خلال تطبيقات الكترونية يمكن تحميلها على الهواتف، وقد لاقت التجربة رواجا لما توفر من وقت وجهد، ولتوفرها حتى في أوقات متأخرة من الليل، لكن المضاربة في الأسعار، وضعف المؤسسية بما في ذلك وجود عقود واضحة للتعامل بين مؤجري السيارات والقائمين على هذه الشركات، ولعل إضراب سائقي إحدى الشركات احتجاجا على ما وصفوه برسوم غير واضحة تفرض عليهم مقابل أي توصيلة، فضلا عن ارتفاع تكلفة الخدمة وارتباطها بأحياء معينة، وفي ظل تغاضي سلطة تنظيم النقل عن التلاعب بحقوق الزبون لم يجد الكثيرون بدا من اللجوء إلى سيارات الأجرة التقليدية رغم غلاء الخدمة والظروف غير الإنسانية بل والمهينة التي يلقاها طالبو خدمة النقل.
ومن أجل امتصاص حالة التذمر التي خلفتها الزيادة في أسعار النقل الحضري حاولت شركة النقل العمومي الرفع من خدماتها، وزيادة باصاتها لنقل الركاب في عدة وجهات داخل نواكشوط وبأسعار تبدو تنافسية لكن الطلب المتزايد وضعف البنى التحتية والمؤسسية وغياب تقاليد راسخة للنقل العمومي في نواكشوط كلها عوامل لا زالت تشل أداء هذا المرفق الحيوي. يعلق الكثيرون.
يقول الراكب عبد الله ولد محمدو الذي كان ينتظر إحدى الحافلات العمومية إن شركات التطبيقات الإلكترونية لخدمة النقل لن تكون الحل لأزمة النقل في نواكشوط، ليس فقط بسبب أسعارها الغالية بل أيضا لتعقد التواصل معها،وسهولة التحايل على الزبون، فليس هناك معايير للتسعيرة كاستخدام العداد مثلا أو المسافة، وكان المتعاونون من أصحاب السيارات أول الشاكين من تحايل هذه الشركات وفق تعبيره.
في المقابل والقول ولد محمدو لم تتطور خدمة النقل العمومي لتكون أكثر إقناعا للزبون فالزحام وعدم الانتظام في التوقيت، والارتباط بأوقات الدوام الحكومي جعل الرهان على خدماتها من الصعوبة بمكان.
وتعمل في السوق الموريتانية أكثر من شركة لتشغيل سيارات الأجرة عبر التطبيقات الإلكترونية، في ظل غياب أي أطر قانونية للتعاقد سواء بين الزبناء ومقدمي الخدمي أو بين هؤلاء والراغبين في تأجير سياراتهم لصالح هذه الشركات يعلق أحد السائقين.
وتقدر ميزانية وزارة التجهيز والنقل ب 3.332.377.554,0أوقية قديمة خلال العام 2021 وهي جهة وصاية على عدد من المؤسسات من بينها: شركة النقل العمومي وميناء الصداقة وشركة عبّارات موريتانيا وغيرها