ارتفعت أسعار النفط أمس الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي، إذ يبدو أنه من غير المرجح أن يتمكن المنتجون الرئيسيون مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة من زيادة الإنتاج سريعاً وبشكل كبير، فيما زادت الاضطرابات السياسية في ليبيا والإكوادور من المخاوف بشأن الإمدادات. وارتفع سعر خام القياس الأمريكي (غرب تكساس الوسيط) 1.8 دولار للبرميل، أو 1.6 في المئة، إلى 111.36 دولار للبرميل في معاملات لندن الصباحية ليضيف إلى مكاسب بنسبة 1.8 في المئة حققها في نهاية معاملات الإثنين بعد تقلبات خلال جلسة المعاملات.
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي 1.9 دولار للبرميل، أو 1.7 في المئة، إلى 116.99 دولار للبرميل بعد زيادة بنسبة 1.7 في المئة في الجلسة السابقة.
ماكرون يدعو لزيادة الإنتاج
وكانت فرنسا قد دعت الدول النفطيّة إلى زيادة إنتاجها «إستثنائياً»، وحضّت على «تنويع مصادر الإمدادات» بما يشمل إيران وفنزويلا للحد من ارتفاع أسعار الوقود في محطات تزويد المركبات بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقالت الرئاسة الفرنسية على هامش قمة مجموعة السبع في قصر إلماو في ألمانيا «هناك حاجة لأن تنتج الدول المنتجة المزيد استثنائياَ» لتجاوز الأزمة. ومن المنتظر أن يناقش الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه المسألة خلال زيارته للسعودية في تموز/يوليو. كما أن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون «على اتصال» مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكذلك رئيس دولة الإمارات الجديد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كما أشار قصر الإليزيه. ولفتت باريس إلى أن «هناك موارد في أماكن أخرى يجب أيضاً بحثها». وأوضحت أن «المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني منجزة الآن فيما يتعلق بالقضايا النووية، لكن ليس فيما يتعلق بالعلاقة بين إيران والولايات المتحدة بشأن قضية محددة، وهي العقوبات الأمريكية المرتبطة باتهامات بالإرهاب».
وشددت على أن «هناك عقدة يجب فكها» حتى يتسنى «إعادة النفط الإيراني إلى الأسواق». وأكد قصر الإليزيه أنه «يجب أيضاً إتاحة إعادة النفط الفنزويلي إلى السوق». وتخضع الدولتان المنتجتان للنفط لعقوبات أمريكية.
وتؤيّد فرنسا الاقتراح الأمريكي بوضع حد أقصى لأسعار النفط، لكنها ترى أنه من الضروري توسيعه ليشمل الغاز وكافة الفاعلين في السوق.
وقدرت الرئاسة الفرنسية أن «مبدأ الحد الأقصى للسعر مقبول ويمكن دعمه، لكن طريقة تطبيقه غير واضحة إلى حد ما. يجب أن يكون واسع النطاق قدر الإمكان»، داعية إلى «نقاشات معمّقة» حول الموضوع
من جهة ثانية قال ماكرون أن رئيس دولة الإمارات العربية الشيخ محمد بن زايد أبلغه أن السعودية ودولة الإمارات، وهما منتجان رئيسيان للنفط في منظمة الدول المُصَدِّرة للنفط «أوبك»، يمكنهما بالكاد زيادة إنتاج الخام.
وسُمع ماكرون وهو يقول للرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة مجموعة الدول السبع الكبرى «أجريت اتصالاً هاتفياً مع محمد بن زايد». وأضاف «هو أبلغني شيئين. أنا عند (الطاقة الإنتاجية) القصوى. هذا ما يدَعيه. ثم قال أن السعوديين يمكنهم زيادة الإنتاج بمقدار 150 ألف برميل يومياً. ربما أكثر قليلاً لكنهم ليس لديهم قدرات ضخمة قبل مرور 6 أشهر».
تعويض الإمدات الروسية
وفرض سعر أقصى لها
وينظر إلى السعودية ودولة الإمارات على أنهما البلدان الوحيدان في منظمة «أوبك» وفي العالم اللذان مازالا لديهما طاقة إنتاجية فائضة وقد يساعدان في زيادة الإمدادات العالمية.
وتنتج السعودية حالياً حوالي 10.5 مليون برميل يومياً وتبلغ طاقتها الإنتاجية ما بين 12.0 مليوناً و12.5 مليون برميل يومياً، وهو ما سيسمح لها من الناحية النظرية بأن تزيد إنتاجها بمليوني برميل يومياً.
وتنتج الإمارات حوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً ولديها طاقة إنتاجية قدرها 3.4 مليون برميل يومياً وتعمل على زيادتها إلى أربعة ملايين برميل يومياً.
وتبحث أوروبا عن سبل لتعويض ما يصل إلى مليوني برميل يومياً من الخام الروسي، وحوالي مليوني برميل يومياً من المنتجات المكررة التي كانت تستوردها من روسيا قبل غزو أوكرانيا.
على صعيد آخر قال مسؤولون في مجموعة السبع أمس أن زعماء المجموعة اتفقوا على بحث تحديد حد أقصى لأسعار الواردات من النفط والغاز الروسيين، في محاولة للحد من قدرة موسكو على تمويل غزوها لأوكرانيا.
وجاء في بند من البيان الختامي للمجموعة تم الإطِّلاع عليه أن الاتحاد الأوروبي سيبحث مع شركاء دوليين سبل تقييد أسعار الطاقة، بما في ذلك بحث جدوى تطبيق قيود مؤقتة على أسعار الواردات. وقال المسؤولون أن ذلك يتعلق بكل من النفط والغاز.
وكانت مجموعة السبع تناقش وضع حد أقصى لأسعار الطاقة الروسية على مستوى العالم لمنع موسكو من الاستفادة من غزوها لأوكرانيا، الذي تسبب في زيادة أسعار النفط والغاز زيادة حادة.
وقفزت عائدات صادرات النفط الروسية في مايو/أيار حتى على الرغم من تقليل حجم صادراتها نتيجة العقوبات الغربية.
وكانت الولايات المتحدة أول من دعا إلى إيجاد آلية لتقييد الأسعار التي تدفعها دول أخرى مقابل الحصول على النفط الروسي.
والفكرة هي ربط الخدمات المالية والتأمين وشحنات النفط بحد أقصى لسعر النفط الروسي. وبالتالي إذا رغبت شركة شحن أو تصدير في الحصول على هذه الخدمات، عليها الالتزام بأن يُباع النفط الروسي بما لا يتجاوز الحد الأقصى للسعر. وسعت إيطاليا، التي يعتمد اقتصادها على الطاقة الروسية، في اتجاه توسيع هذا الإجراء ليشمل سعر الغاز أيضاً.
وحذر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي الأسبوع الماضي من الحاجة إلى ضبط أسعار الطاقة لاحتواء التضخم. وقال إن اعتراض رفاقه الأوروبيين الرئيسي على تقييد أسعار الغاز سببه المخاوف من أن يدفع ذلك روسيا إلى خفض إمدادات الغاز بدرجة أكبر.
وقالت فرنسا إنه لابد من توسيع آلية تقييد الأسعار لتتجاوز المنتجات الروسية من أجل تخفيض الأسعار بشكل أكبر، بما يشمل دول مجموعة السبع التي تبحث عن مصادر للطاقة من بلدان أخرى.