أورد قطب التحقيق في خلاصاته المتضمنة في قرار إحالة المتهمين في ملف العشرية إلى المحكمة المختصة بمكافحة الفساد اعترافات عدة رجال باستلامهم مبالغ مالية كبيرة من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وأكد قطب التحقيق أن ودائع الرئيس السابق لدى المصارف، والودائع باسم أفراد عائلته الذي لم يمارسوا قط أعمالا تجارية تدر عليهم دخلا، وودائعه لدى بعض رجال الأعمال تفوق مرات عديدة المبلغ الذي صرح به في تصريحه بممتلكاته عند مغادرته السلطة سنة 2019.
ونقل قطب التحقيق عن إبراهيم ولد أحمد سالم ولد غده الملقب "ابهاي" اعترافه أن ولد عبد العزيز سبق وأن سلمه مبلغا ماليا يزيد على مليوني أورو، ومبلغا وصل إلى 500.000.000 أوقية قديمة.
كما نقل عنه استلامه مبالغ مالية على شكل ودائع، بعضها بالعملات الصعبة، حتى بلغ مجموعها ما يزيد على سبع مليارات أوقية قديمة.
كما اعترف رجل الأعمال سلمان إبراهيم – حسب خلاصات قطب التحقيق - أن ولد عبد العزيز سلمه مبلغ مليون دولار دفعة واحدة، على أساس أنه وديعة يستثمرها له، وبأنه أودع لديه مبالغ أخرى حتى بلغ مجموع ودائعه لديه ما يزيد على مليار أوقية.
وأكد ولد إبراهيم للمحققين أن ولد عبد العزيز اشترى من شركته عشر شاحنات لنقل الأسماك بمبلغ قدره 309.350.000 أوقية قديمة.
أما محمد المشري ولد محمد صالح، فنقل عنه قطب التحقيق أن ولد عبد العزيز وأفراد من أسرته الخاصة قاموا بإيداع مبالغ ضخمة لديه وصلت عدة مليارات، لافتا إلى أنه كان يقوم بإنشاء شركات وهمية، ويفتح باسمها حسابات مصرفية يودع فيها تلك المبالغ.
كما اعترف ولد محمد صالح – وفقا لخلاصات قطب التحقيق – بأن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز كان يكلفه بتسجيل قطع رضة ذات قيمة مالية كبيرة باسمه، ثم يطلب منه تحرير ورقة عرفية تثبت أن المالك الحقيقي لتلك القطع هو محمد ولد عبد العزيز نفسه، ويحتفظ بنسخة وحيدة من تلك الورقة.
كما نقل قطب التحقيق عن ولد محمد صالح أن ولد عبد العزيز أخفى أجزاء من ممتلكاته عن طريق تسجيلها أو الاحتفاظ بها على أنها ملك لابنه المتوفى أحمدُ رحمه الله، دون أن تصنف كتركة أو تقسم على ورثته.
ونقل قطب التحقيق في خلاصاته عن رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات تأكيده امتلاك ولد عبد العزيز مزارع، ومصنعا لتقشير الأرز في ولاية الترارزة، معترفا بأنه كان يسير مصنع تقشير الأرز في مدينة روصو، بطلب من ولد عبد العزيز، إضافة لتسييره لعدد من الممتلكات الأخرى.
وورد في الخلاصات أن ولد بوبات اعترف أن ولد عبد العزيز طلب منه الإشراف له على بناء عمارة ضخمة قبالة قصر المؤتمرات، لاستخدامها كمقر لمصحة طبية، حيث تظاهر ولد بوبات بأنه هو المالك الحقيقي لهذه العمارة.
كما اعترف ولد بوبات – وفقا لهذه الخلاصات – بأنه تنازل عن القطع الأرضية التي اشتراها من المساحة المقتطعة من مدرسة الشرطة، عبر المزاد العلني لفائدة المرحوم أحمدُ ولد عبد العزيز بطلب من هذا الأخير.
وأردف قطب التحقيق في خلاصاته أنه يتضح من عقود البيع المتعلقة بهذه القطع التي تم العثور عليها أثناء البحث الابتدائي أن عملية البيع كانت بمبالغ رمزية لا تتجاوز مليون أوقية قديمة للقطعة الواحدة، في حين أن ثمن شرائه لكل واحدة منها كان يزيد على ثلاثين مليون أوقية قديمة.
ورأى قطب التحقيق أن هذا يكشف أن ما قام به ولد بوبات في حقيقته ليس سوى عملية تمويه تهدف إلى إخفاء عائدات جرمية من جهة، والتستر على ثراء غير مشروع من جهة أخرى.
وكشف قطب التحقيق عن وجود وثائق تثبت أن ولد عبد العزيز كان يمارس شراء العقارات، على نحو يكشف الأغراض التجارية لعملية الشراء، وكان يستخدم بعض الوسطاء كواجهة لممارسة هذه التجارة، كما كان يتدخل في عمليات البيع والشراء، ويطلب من بعض البائعين التنازل له عن ملكية بعض العقارات ذات الأهمية التجارية الخاصة، وأحالت إلى تصريح لرجل الأعمال ولد بويات.
كما تناول قطب التحقيق في خلاصاته تصريحات للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث صرح بها بداية مأموريته الأولى بأنه لا يملك المال، فيما قال في تصريحات لاحقة عقب خروجه من السلطة بأنه يملك ثروات كبيرة، وفي تصريح ثالث أكد أنه لم يستهلك أوقية واحدة من راتبه الشرعي الذي يتقاضاه بصفته رئيسا.
ورأى قطب التحقيق أن هذه التصريحات العلنية في وسائل الإعلام المثبتة قضائيا، تثبت ثراءه الكبير غير المشروع أثناء فترة حكمه، متسائلا: "كيف يحصل موظف عمومي يمنع عليه الدستور ممارسة أية وظائف أخرى على أموال طائلة باعترافه في تصريح صحفي علني بعد أن كان - وباعترافه العلني أيضا - لا مال له، دون أن يستثمر أوقية واحدة من راتبه المشروع، إن لم يكن ذلك من خلال ارتكاب وقائع يجرمها القانون؟".