لم يتوقع أحد بتمبدغه وضواحيها أن تكون 2022 مختلفة عن سنين المقاطعة السابقة، بعد حولت عصابات الجريمة العابرة للمنطقة حياة المنمين إلى جحيم، وأهدرت أموال الناس دون متابعة، بفعل الضغوط المتصاعدة على رجال إنفاذ القانون ، والحماية التى يحظى بها بعض المتهمين بالإتجار بالماشية المأخوذة بطرق غير قانونية، لكن يناير 2022 حمل مفاجئة كبيرة لكل السكان.
لقد كلفت أركان الدرك الوطنى بوضع نهاية للوضعية البائسة، وكان لديها التفويض المطلق من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى، بعدما تنامى إليه واقع المنطقة الصعب، خلال اجتماع ضمه ببعض رموز الجالية الموريتانية فى أبدجان قبل أشهر.
قرر قائد أركان الدرك الفريق بلاهي ولد أحمد عيشه انتداب أحد أبرز ضباط القطاع للمهمة وهو قائد الدرك بالطينطان سابقا العالم إيميجن، حيث وصل القائد الجديد إلى تمبدغه بشكل سريع لمتابعة المهمة المكلفة بها من قبل الأركان العامة للدرك بداية سبتمبر 2021 ، مع مده ببعض العناصر والآليات العسكرية اللازمة لضمان أمن السكان والثروة الحيوانية، بعدما أنيطت به - إلى جانب المهام التقليدية - مهمة القضاء على سرقة الماشية، وحمل الضالعين فى الملف على التخلى نهائيا عن الفعل المشين، أو إحالتهم إلى السجون، مهما كان العدد المستهدف أو التكلفة الأمنية والسياسية لأي إجراء محتمل.
تحركت قوات الدرك وشنت حملة اعتقالات واسعة فى صفوف المتهمين، وأعدت سجلا بكل السيارات التى تتحرك بالمنطقة، وتعاملت مع بعض الأوساط للتبليغ عن أي حالة يشتبه فيها، وألزمت بعض الأشخاص المشهورين بالوقوف خلف سرقة المواشى بالتوقف عن الحركة ليلا بالمنطقة، وإبلاغ المصالح الأمنية بأي سفر طارئ، وتحديد وجهة السفر، وإبلاغ قيادة الدرك بالعودة للمنطقة فور حدوثها، وتحمل المسؤولية فى حالة وجود أي تقصير فى التعامل مع الأجهزة المكلفة بالمهمة.
وبعد سبعة أشهر باتت مهمة القائد أسهل من أي وقت آخر، لقد تمكن أخيرا من صيام جل شهر رمضان مع ذويه بمقاطعة أمبود، بعدما أنجز المهمة باتقان، وباتت العناصر المكلفة بالمهمة الخاصة على دراية بجغرافيا المنطقة، وتخلى البعض عن أدوات الجريمة طواعية (سيارات مرسدس 190) ، وهاجر البعض طلبا للمعاش، وتوجه البعض الآخر إلى الشمال للبحث عن الذهب، وأرتفعت أسعار اللحوم بالمنطقة بشكل مفاجئ، وباتت اللحوم المجففة (التشطار) عملة نادرة، وأختفت حركة الرعاة بحثا عن قطيع مختفى أو نوق فقد أثرها،وتراجع زوار الدرك الذين كانوا يطرقون أبواب الجهاز كل يوم للتبليغ عن سرقة بعض الماشية أو اختفاء آثارها فى ضواحى المقاطعة، أو داخلها ، بعدما تم الضرب بيد من حديد على كل المتهمين بالسرقة بغض النظر عن القبيلة، أو الجهة، أو اللون.