تحظى مناطق البلاد الشمالية بخيرات وافرة من معدن الذهب، الذي أضحى قبلة للغالبية العظمى من أبناء البلد، فاختار العديد منهم العودة من منفاه القسري خارج الديار بدول إفريقيا وغيرها من بلدان العالم؛ بحثا عن لقمة عيش كريم عز تحصيله في أرض الوطن.
وقد ساهم التنقيب الأهلى في استقرار هؤلاء فانضموا إلى صفوف إخوتهم من العاطلين عن العمل وأصحاب المهن محدودة الدخل؛ فطرقوا مختلف مناطق التنقيب المسموح بها من طرف السلطات؛ وبعزيمتهم وصبرهم استطاعوا أن يستخرجوا كميات معتبرة من الذهب بوسائلهم البدائية؛ كما أضحوا أداة مسح جيولوجي ميداني عبر بحثهم الدؤوب عن عروق الحجارة التي تحوي نسب الذهب؛ فأبانوا عن حجم ثراوتنا الهامة من المعدن الأصفر في مختلف المناطق المسموح لهم بالتنقيب فيها.
بيد أن عملهم الجبار هذا الذي وفر على الدولة أموالا باهظة كانت ستصرف في المسوحات الجيولوجية؛ سبب لهم مآزق كبيرة من بينها مضايقتهم في كل منطقة يحصلون فيها على بوادر الإستفادة؛ وقد يطردون كما حدث مع المنقبين السنة قبل الماضية في منطقة التماية(تفرغ زينة).
وكما يحدث اليوم بمنطقة تيجيريت وخصوصا مجاهر (النقطة،الدعاة، اعميتني؛ مجهر عبد الفتاح...)؛ حيث يتعرض هؤلاء المساكين من المنقبين الذين استثمروا أموالهم الطائلة؛ وأوقاتهم وبذلوا طاقاتهم البدنية على مر نصف عقد من الزمن(منذ 2016)؛ لعمليات الطرد والإجلاء لصالح شركات دولية لم ترعى السلطات التشريعية ولا التنفيذية فيها حرمة المواطن وصون كرامته.
إن على السلطات التشريعية أن تقوم بدورها في مراجعة الاتفاقيات الدولية التي تمس من المصلحة العليا للمواطن؛ فالمفترض أن يكون الإستثمار الأجنبي إنما يراد منه زيادة النمو الإقتصادي وتحسين الظروف العامة للمواطن فإذا كان المواطن بعصاميته ونبذه للكسل والاتكالية حقق لنفسه ولبلده بجهوده المتواضعة؛ كميات كبيرة من الذهب عززت مخزون البنك المركزي منه؛ فالحري بالجهاز التشريعي بوصفه الجهة التي ترعى مصلحة المواطن أن تراجع تلك الاتفاقيات بما يرعى مصلحة المواطن في منح منقبي تيجيريت وغيرها مجاهرهم فغير ذلك سيساهم لا محالة في تدمير المنقب ماديا ونفسيا؛ من جهة ويكفل التزامات الدولة من جهة أخرى.
لقد ثمن رئيس الجمهورية السيد، محمد ولد الشيخ الغزواني في خطابه الأخير أمام المنقبين في مركز الشيخ محمد المامي الجديد للتعدين؛ دور المنقب الأهلي وجهوده المشهودة في الرفع من إقتصاد الوطن؛ وأعطى تعليماته للجهات الوصية بأن تستيجب لطلبات المنقبين.
ولقد صرح "مدير معادن موريتانيا"؛ السيد حمود ولد امحمد في لقاء له مع صالون المدونين بتاريخ 27 مايو 2021؛ بأن إنتاج الذهب التقليدي سنويا سيصل إلى 36 طن في أفق 2023.
فهل يكافؤ المنقبون الشرفاء العصاميون؛ الذين اختاروا طريق الكدح ومغالبة الصخور الصماء وصنوف المناخ القاسية؛ بصحراء إينشيري وتيرس الزمور بعد كل هذه الإشادات من طرف أعلى سلطة في البلد والإدارات الوصية بالطرد والتنكيل لسواد عيون شركات أجنبية وشركائهم من رجالات النفوذ والمال؛ الذين لا يرقبون في ضعفاء هذا الوطن الحبيب شفقة ولا رحمة.
سيدي الرئيس إن المنقبين في تيجيريت يستصرخونكم من أجل مآزرتهم والوقوف إلى جانبهم؛ وإيقاف عمليات الطرد التي تحاك في هذه الأثناء ضدهم؛ إنكم جيئتم إلى سدة الحكم بأصواتهم وأصوات ذويهم من آلاف الأسر الموريتانية في كافة ولايات وطننا الحبيب فلا تخيبوا أملهم فيكم.
أنصفوهم بتركهم في مجاهرهم التي ذاقوا فيها ويلات الفقر وعذابات الأعمال الشاقة وكبدتهم أموالا كثيرا وسنين من هدر الطاقات والجهود.
الكاتب؛ احمد جدو محمد عمو(المنقب حاليا)