تعتبر الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد؛ محمد ولد الشيخ الغزواني الأسبوع الماضي إلى مدينة الشامي؛ من أهم الزيارات التي يقوم بها إلى الداخل.
ذلك أن مثل هذه الزيارة يعلق عليها الكثير من الآمال ذات البعد المزدوج، حيث كان ينتظرها المنقبون بفارغ الصبر وهم المطرودون من "مجاهرهم" في التماية (المعروفة عند المنقبين بتفرغ زينة)؛ والمهددون بالطرد من "مجاهرهم" في تيجيريت.
وراهنت عليها السلطات في محاولة منها لخلق رضى عام في صفوف المنقبين الساخطين على أوضاعهم المزرية؛ وقد اتضح ذلك جليا بعد الزخم الإعلامي والتعبئة العامة التي استنفر لها المنقبون كل طاقاتهم فتم إلغاء زيارة الوزير الأول ليعلن لاحقا زيارة رئيس الجمهورية بدلا منه.
وأصبح حديث المنقبين " مادام رئيس الجمهورية ألغى زيارة الوزير الأول وجاء هو بنفسه فمن المؤكد أنه قادم لتلبية مطالبنا وعلى رأسها فتح منطقة التماية(تفرغ زينة)".
لقد حشد المنقبون الحشود؛ وضربوا الخيام في مكان الاستقبال وطارت بشائرهم إلى "المجاهر" إن رئسكم قادم ولا شك سيعطي التعليمات وفورا لفتح المجاهر المغلقة (تفرغ زينة) ومنع محاولات طرد أهل تيجيرت؛ فالسيد الرئيس بالتأكيد يتبنى تقريب الإدارة من المواطن؛ وبالتالي سيمنح المنقب الأهلي فرصة لديمومة نشاطه وفاعليته؛ بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن.
بيد أن المكيدة والفخ الذي تم إيقاع المنقبين فيهمن خلال إقصائهم وتقزيم دورهم في فتح الفرصة أمامهم لإسماع صوتهم وطرح مطالبهم أذهب النور الذي كان من الممكن أن يرافق ذلك اللقاء بين الرئيس ورعيته.
فانتابت جموع المنقبين المتجمهرين شعور الإقصاء والتهميش من طرف إدارة معادن موريتانيا؛ ممثلة في مديرها العام الذي أعطى العهد في اجتماع قبل ذلك بأسبوع في أنه سيعرض كل طلبات المنقبين أمام الوزير الأول قبل أن يتم إلغاء تلك الزيارة.
فلا هو قدم مطالب المنقبين أمام الرئيس؛ ولا هو سمح لهم بتقديم مطالبهم أمامه.
وقد نجم عن ذلك زيادة الفجوة بين جموع المنقبين الغفيرة والإدارة التي تعتبر نفسها وصية عليهم من جهة، وسخط عارم على مضامين الكلمات الملقاة والتي لم تتطرق إلى معاناة المنقبين ومطالبهم الملحة؛ مما حدى بهم إلى إطلاق الهتافات بمطلبهم الأساسي وهو فتح منطقة "التماية"(تفرغ زينة)؛ أمام الرئيس محاولين في الآن نفسه؛ الإنسحاب الجماعي إلى أن تدارك الرئيس الموقف فالتفت إليهم مثمنا جهودهم مع وعده بأن يعطي التعليمات إلى إدارة المعادن في تلبية مطالب المنقبين بما يحفظ التزامات الدولة اتجاه الشركات المستثمرة في هذا المجال...
وفي خضم ترنح المنقبين بين تعهدات الرئيس وتقزيم إدارة المعادن لهم؛ ضاعت آمال المنقبين في زيارة الرئيس كما ضاعت آمال وأحلام شعب برمته؛ كل ما جاء نظام أمل الناس فيه الخير الكثير وما إن ينهي الحولين الأولين من حكمه؛ حتى تمن الناس رجوع النظام الذي قبله رغم ما صاحبه من فساد وما به من علات؛ لا حبا فيه وإنما لفقدهم الأمل في أي إصلاح لهذه البلاد وساكنتها.
لقد ناديت بأعلى صوتي سيادة الرئيس وأظهرت الأوراق التي تحمل مطالب المنقبين أمامك؛ ولكن عناصر مخابراتك سيادة الرئيس منعوني من إيصال خطاب المنقبين الموجه إليك.
سيدي الرئيس إنما يعانيه المنقب من عناء وشدة وظروف صعبة تقتضي منكم لفتة كريمة تستجيب لمطالبه الملحة التي ستجعلكم إلى جانبه بحرصكم على مراعاة مصالحه، أو أنكم تفضلون الوقوف إلى جانب النافذين الذين طالما ظلموا المنقبين في آبارهم و"مجاهرهم"؛ التي انتزعوها بالطرق المعروفة.
إن على الرئيس أن يستمع بنفسه إلى المواطنين مباشرة؛ لا أن يدع بطانته لتحجب هموم الناس عنه؛ فالزيارات الميدانية هدفها الاستماع إلى انتظارات الناس وتطلعاتهم ورهاناتهم.
الكاتب؛ احمد جدو محمد عمو (المنقب حاليا)