عندما يكون هذا البلد في مأزق كبير جدا، وعندما تظهر نتائج اقتصادية أو معطيات اجتماعية أو بوادر أزمة سياسية يتحرك بعض الخمولين من أنصار النظام لتقديم صورة سيئة عن نظامنا الحاكم.
فكل مبادرة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يريد من خلالها التغطية، بإيعاز من مستشاريه، على فشل ما، أو خلل ما، أو تناقض ما، أو معطى ما له تأثير بين على حياة الناس، أو نظرتهم للنظام، يتبع تلك المبادرة سيل عرم من الكتابات الخجولة، المايعة المكشوفة، والضارة جدا، بنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
فمثلا، عندما أبان البنك المركزي عن مستوى تضخم عالي جدا تجاوز 4 في المائة بعدما أن كان في العام 2019، عند تسلم الرئيس الحالي للسلطة، أقل من 2 في المائة، وتجاوز في العام 2020 2 في المائة ووصل اليوم في نهاية العام 2021 إلى أكثر من 4 في المائة، جاء الرئيس بمبادرة عدم رضاه عن مستوى تنفيذ المشاريع، وعن قراره ضم إلى مدير ديوانه المفتشية العامة للدولة، وتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ المشاريع ووضع الشركاء المحليين الذين لا يفون بالتزاماتهم تجاه الدولة في اللائحة السوداء، وكأن هذه اللائحة وليدة الصدفة، وكأن فشل المشاريع وليد الصدفة، وكأن المفتش العام المقال محفوظ ولد إبراهيم لم تكن لديه نية القيام بعمله، وكأن الحسن ولد زين الذي جاء به الغزواني على رأس المفتشية أكثر صرامة وأكثر جدية وأكبر تجربة من محفوظ ولد إبراهيم.
هكذا نقرأ نحن معاشر المراقبين لشأن هذا البلد في الضفة السياسية الأخرى.
ونقرأ بين السطور، من خلال مقال الأخ العزيز جدو ولد خطري، أن الرئيس استفاق، وكأن أخانا العزيز هذا يريد تأكيد ما ذهبنا إليه بأن الرئيس كان نائما، وحينما يكتب هذا الأخ متحدثا عن خطوات جديدة وأسلوب جديد في التعاطي مع الحكم، يذكرني بمقولة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي الذي انتظر حتى ساءت أوضاع الأشقاء التونسيين وانهارت المنظومة السياسية التي يحكم بها البلد، وتذمر الناس وخرج إلى الشوارع، انتظر حدوث كل هذا، وخرج عليهم بمقولته الشهيرة “فهمتكم يا توانسه .. فهمتكم”، وكأن ولد الغزواني يبعث بها على لسان هذا الأخ العزيز، وكأن ولد الغزواني يقول: “فهمتكم يا موريتانيين، فهمتكم”، لينطق الشارع كله بلسان حال واحد، “بعد ماذا فهمتنا يا فخامة الرئيس؟”.
لم تفهمنا إلا بعدما أن أمضيت سنتين من حكمك، لم تفهمنا إلا بعدما انهارت منظومتنا الاجتماعية، وتدهورت منظومتنا الاقتصادية وفسدت ساحتنا السياسية، فأصبح معارضونا يطبطبون على كتفك، وأصبحوا من انعدام الخجل، يدافعون عن فشل نظامك، فهمتنا، بعدما أن تدهورت منظومتنا التعليمية، بعدما أن عانا طلابنا الأمرين، بعدما أن تحكمت فينا الدولة العميقة، بعدما أن مكنت للمفسدين منا، وأبعدن المصلحين، بعدما أن غطيت على جرائم المجرمين، وعينتهم في أسمى ما نملك من مناصب؟ بعدما أن أبعدت كفاءاتنا عن مناصب الدولة، وجعلت لقومك أوفر نصيب، وأكبر حظ، بعدما أن صار سعر الكيلومتر الواحد من الاسفلت بثلاثة أضعاف سعره قبلك؟
ما الذي فهمته، يا سيادة الرئيس، هل فهمت أن حكومتك الأولى كانت فاشلة عندما عينت حكومتك الثانية، هل فهمت أن حكومتك الثانية كانت ضعيفة عندما فكرت في تعيين حكومة أخرى لعلها تكون أفشل وأضعف؟
ما الذي فهمته بربك؟
هل فهمت أن القوة السياسية للرئيس السابق أكبر بكثير من القوة السياسية لمن عولت عليهم، ومن جعلتهم لك درعا سياسيا لا يقي من غضب طفل رضيع، أحرى أن يحميك من غضب شعب بأكمله؟
هل فهمت الآن أنك تسير في طريق مسدود؟ هل فهمت الآن أنك توفر الظروف لانسداد سياسي خطير؟
هل فهمت الآن أن القوى الحية من عمال، ونشطاء وكتاب وفاعلين يفهمون جيدا، أن أسلوبك في الحكم ساذج، وأن طريقة إدارتك لأزمات الدولة ضعيفة؟
هل فهمت الآن وأنت تقرر رشوة شباب البلاد بعشرين ألف أوقية (قديمة) بدل توفير لهم الوظائف، وأنت تستمع إلى وزيرك الذي وزرت على الاقتصاد وهو يتحدث عن 100 ألف وظيفة وهمية؟
هل فهمت وأنت تستمع إلى وزير عدلك يحصنك ويمجدك وأنت تنتشي بذلك التحصين الذي لن ينفعك ولن يمنعنا من انتقاد شخصك مهما حدث ومهما سننت من قوانين حماية لك؟
هل فهمت وأنت ترى وزير اقتصادك يبدد أموالنا على أجنبي لا يمت بصلة لثقافتنا ولا لديننا وهو يمثلنا دون وجه حق، وأنت تقدم 15 ألف أوقية قديمة لكفاءاتنا ولمهنيينا؟
هل فهمت وأنت تقبل من فتاة صغيرة، وزرتها باسم المشيخة، أن تنفق عشرين مليون أوقية من مال الشعب على غانية راقصة ماجنة من دولة أجنبية؟
هل فهمت وأنت تعين على محكمة حساباتنا من به شبهة فساد، أصدقت أم كذبت؟
هل فهمت وأنت ترى وزيرتك العميدة تعجز عن ضبط الأسعار وتعجز عن ضبط طبيعة ما يدخل بيوتنا من مواد سامة ومبيدات؟
هل فهمت وأنت تترك الحبل على الغارب لأشخاص من الدرجة الرابعة سياسيا، وفكريا وعلميا؟
هل فهمت وأنت تجعل من إبن عمك المقرب مديرا لديوان رئاستنا ؟
هل فهمت وأنت تسجن رئيسا من رؤسائنا خارج أطر القانون ؟
هل فهمت وأنت تتهم رئيسا من رؤسائنا وثلاث مئة شخص آخرين، ولا تسجن إلا هو وحده؟
ما الذي فهمته بربك؟ وما الذي فهمناه نحن من فهمك؟
وما الذي سيفرحنا في قولك أنك فهمت؟
لا شيء، ورغم أن الفرصة ما زالت قائمة لتصحيح ما أخطأت فيه من تقديرات من السذاجة أن يخطئ فيه رئيس دولة، أكان غاصبا أو منتخبا؟
لا شيء، سنفهمه، سوى أن تعمد إلى الخطوات التالية، والتي نقدمها لك استشارة مجانية من خارج الأطر السياسية والقانونية التي تركن إليها لتفعل بك ما تشاء:
أن تطلق الحوار
أن تقيل الحكومة
أن تحل البرمان
أن تعلن عن انتخابات مبكرة نيابية وجهوية وبلدية
أن تراقب الانتخابات كرئيس حيادي (رئيس لكل الموريتانيين)
أن تضع يدك في يد من يفوز بالانتخابات وتجعل منهم سندك وعونك في حكمك
أن تطلق سراح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وتعتذر له
أن تلفظ كل حزب وكل رجل سياسي لفظته الصناديق
أن تقف على مسافة واحدة من كل رجال أعمال هذا الوطن مهما كانوا معارضين أو موالين
أن تعمل بشكل جدي على تهيئة الظروف للانتخابات الرئاسية التي لا يفصلك عنها سوى عامين فقط.
فهذه الوصايا العشر إن عملت بها فهمنا أنك تريد المصلحة العليا للبلد لا المصلحة الخاصة لتلك الأصنام التي تحيط بك وتحجب عنك حقيقة ما يجري.
وإن لم تقبل بها فليس لك عندنا من وصايا سوى أن تستقيل وتنظم انتخابات رئاسية مبكرة شفافة ونزيهة وتشرف عليها بحياد تام.
وقتئذ سنكون قد فهمناك، وإلا فلن تعين حكومة إلا فشلت، ولن تطلق مشروعا إلا وفشل، ولن تنجز شيئا مهما فعلت، فأنت تعاند العقول، وتجابه الشعب ولا مجال لنجاح من يعاند العقول ويجابه الشعب، والخجل الذي يصيب نظامك والفشل الذي يصيبه كله بسبب ذلك.
لك مني خالص الود.
أخوك ومعارض نظامك، محمد فاضل الهادي